[ ص: 468 ] فصل : فأما مسألة الكتاب : فصورتها فيمن  نذر أن يمشي إلى بيت الله   فله حالتان :  
إحداهما : أن يصفه ببيته الحرام فيقول : لله علي أن أمشي إلى  بيت الله الحرام ؛   فينعقد به النذر ، ويلزم فيه الوفاء ؛ لأنه من طاعة الله التي يتعبد بها .  
وهكذا لو  قال : لله علي أن أذهب إلى  بيت الله الحرام ،   أو أقصده أو أمضي إليه   انعقد به النذر كالمشي إليه .  
وقال  أبو حنيفة      : ينعقد نذره بالمشي إليه ، ولا ينعقد بالقصد له والذهاب إليه ؛ لأنه بالمشي يريد القربة وبالقصد والذهاب غير مريد لهما . وهذا فاسد من وجهين :  
أحدهما : قول الله تعالى :  وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر   ، [ الحج : 27 ] ، فجعل الركوب صفة لقاصديه كالمشي .  
والثاني : أن القصد ، والذهاب يعم المشي والركوب فدخل حكم الخصوص في العموم .  
والحال الثانية : أن لا يصفه  بالبيت الحرام ،   ويقتضي على  قوله : لله علي أن أمشي إلى بيت الله ،   فله ثلاثة أحوال :  
أحدها : أن يريد به  بيت الله الحرام ،   فيصير بإرادته في حكم من تلفظ به في انعقاد نذره .  
والحال الثانية : أن يريد به غيره من بيوت الله ومساجده التي لا فضل لها على غيرها ، فلا ينعقد به نذر ، ولا يلزمه فيه وفاء على ما سنذكره من بعد .  
والحال الثالثة : أن يطلق نذره ، ولا يقترن به إرادة ، ففي إطلاقه قولان :  
أحدهما : وهو ظاهر ما نقله  المزني   هاهنا ، أن معهود إطلاقه يتوجه إلى  بيت الله الحرام   عرفا ، فتوجه النذر إليه حكما ، فصار بالعرف كالمضمر فيصير النذر به منعقدا .  
والقول الثاني : وهو ظاهر ما قاله  الشافعي   في كتاب الأم ونقله  أبو حامد المروزي   في جامعه أنه اسم مشترك ينطلق على مساجد الله كلها ، فلم يتعين إطلاقه من بعضها ، ولا يحمل إطلاقه على إضمار تجرد عن نية ، فعلى هذا لا ينعقد به النذر ، ولو احتاط بالتزامه كان أولى .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					