فصل : فإذا صح انعقاد هذا النذر ، وجب  إيصاله إلى  الحرم    وهو على ثلاثة أقسام :  
أحدهما : أن يجعله للكعبة ، فعليه أن يخص به  الكعبة ،   ولا يصرفه إلى المساكين ، فإن كان ثوبا كساها به ، وجعله سترا عليها ، وإن كان طيبا جعله طيبا لها ، وإن كان شمعا أشعله لها ، وإن كان ذهبا جعله لمصابيحها ، وإن كان من صنوف المتاع التي لا تستعمل في  الكعبة ،   باعه وصرف ثمنه في مصالحها .  
والقسم الثاني : أن يجعله لأهل  الحرم ،   فلا يجوز أن يصرفه في مصالح  الكعبة ،   وعليه أن يصرفه في الفقراء والمساكين ، وهم دون الأغنياء ، لأنهم أهل الصدقات ، وفي جواز صرفه في ذوي القربى منهم وجهان :  
 [ ص: 484 ] أحدهما : لا يجوز لوجوبه كالزكوات والكفارات .  
والوجه الثاني : يجوز صرفه فيهم ، لأنه تطوع بنذره فأشبه تطوع الصدقات .  
والقسم الثالث : أن يطلق نذره ، فلا يجعله مختصا بمصالح  الكعبة ،   ولا مصروفا في مساكين  الحرم ،   فيجب صرفه إلى المساكين ، لأنهم أهل الصدقات في الشرع ، فكانوا أحق بقرب النذر فعلى هذا ينظر في متاع النذر ، فإن كان تفريقه عليهم ممكنا ونافعا ، كالطعام والثياب وجب تفريقه عليهم ، ولم يجز بيعه ، وصرف ثمنه فيهم ، كما لو كانت دراهم ، أو دنانير ، لأن إخراج القيم ، فيما استحق أعيانه لا يجوز ، كالزكوات .  
وإن كان المتاع مما لا يمكن تفريقه فيهم ؛ لأنه بغيره أنفع كالطيب واللؤلؤ والجوهر ، كان حقهم في قيمته .  
وهل يلزم الناذر بيعه ؟ أو دفع قيمته ؟ فيه وجهان مخرجان من اختلاف قول  الشافعي   في العبد الجاني هل يفديه السيد بقيمته ؟ أو بثمنه ؟ على قولين :  
أحدهما : يفديه بقيمته ، فعلى هذا يجوز للناذر أن يصرف قيمته إليهم ، وإن لم يبعه .  
والثاني : أن عليه أن يبيع العبد الجاني لجواز ابتياعه بأكثر من قيمته ، فعلى هذا يلزمه بيع هذا المتاع بأكثر لجواز أن يرغب فيه من يشتريه بأكثر من ثمنه ، فإن أراد أن يأخذه بالثمن المبذول فيه جاز .  
				
						
						
