فصل 
فيمن يلي أمر الصبي والمجنون  ، وكيف يتصرف 
أما الذي يلي ، فهو الأب ثم الجد ، ثم وصيهما ، ثم القاضي ، أو من ينصبه القاضي . 
قلت : وهل يحتاج الحاكم إلى ثبوت عدالة الأب والجد لثبوت ولايتهما ؟ وجهان حكاهما   القاضي أبو الطيب  ،  والشاشي  ، وآخرون . وينبغي أن يكون الراجح ، الاكتفاء بالعدالة الظاهرة . - والله أعلم - . 
ولا ولاية للأم  على الأصح . وقال  الإصطخري     : لها ولاية المال بعد الأب والجد ، وتقدم على وصيهما . وأما كيفية التصرف ، فالقول الجملي فيه : كون التصرف على وجه النظر والمصلحة ، فيجوز للولي أن يشتري له العقار  ، بل هو أولى من التجارة . فإن لم يكن فيه مصلحة لثقل الخراج ، أو جور السلطان ، أو إشراف الموضع على الخراب ، لم يجز . ويجوز أن يبني له الدور والمساكن  ، ويبني بالآجر والطين دون اللبن والجص . قال  الروياني     : جوز كثير من الأصحاب البناء على عادة البلد كيف كان . قال : وهو الاختيار . ولا يبيع عقاره إلا لحاجته  ، مثل أن لا يكون له ما يصرفه في نفقته وكسوته ، وقصرت غلته عن الوفاء بهما ولم يجد من يقرضه ، أو لم ير المصلحة في الاقتراض ، أو لغبطة مثل أن يكون ثقيل الخراج ، أو رغب فيه شريك أو جار بأكثر من ثمن مثله وهو يجد مثله ببعض ذلك الثمن . 
 [ ص: 188 ] ويجوز أن يبيع ماله نسيئة وبالعرض  ، إذا رأى المصلحة فيه . وإذا باع نسيئة ، زاد على ثمنه نقدا ، وأشهد عليه وارتهن به رهنا وافيا . فإن لم يفعل ، ضمن ، كذا قاله الجمهور . وحكى الإمام وجهين في صحة البيع إذا لم يرتهن ، وكان المشتري مليئا ، وقال : الأصح الصحة . ويشبه أن يذهب القائل بالصحة إلى أنه لا يضمن ، ويجوزه اعتمادا على ذمة المليء . وإذا باع الأب مال ولده لنفسه نسيئة ، لا يحتاج إلى رهن من نفسه ؛ لأنه أمين في حق ولده . 
فرع 
إذا باع الأب أو الجد عقار الطفل ورفع إلى القاضي  ، سجل على بيعه ، ولم يكلفه إثبات الحاجة أو الغبطة بالبينة ؛ لأنه غير متهم . وفي بيع الوصي والأمين لا يسجل إلا إذا قامت البينة على الحاجة أو الغبطة . 
قلت : وفي احتياج الحاكم إلى ثبوت عدالة الأب والجد ليسجل لهما ، وجهان حكاهما في " البيان " - والله أعلم - . 
وإذا بلغ الصبي وادعى على الأب أو الجد بيع ماله بغير مصلحة  ، فالقول قولهما مع اليمين . وإن ادعاه على الوصي أو الأمين ، فالقول قول المدعي في العقار ، وعليهما البينة . وفي غير العقار وجهان . أصحهما : كالعقار . والفرق عسر الإشهاد في كل قليل وكثير يبيعه ، ومنهم من أطلق وجهين من غير فرق بين ولي وولي ، ولا بين العقار وغيره . ودعواه على المشتري من الولي ، كهي على الولد . 
فرع 
ليس للوصي بيع ماله لنفسه ، ولا بيع مال نفسه له ، وللأب والجد ذلك  ، ولهما   [ ص: 189 ] بيع مال أحد الصغيرين للآخر . وهل يشترط أن يقول : بعت واشتريت ، كما لو باع لغيره . أم يكفي أحدهما ؟ وجهان سبقا في البيع . 
فرع 
إذا اشترى الولي للطفل ، فليشتر من ثقة . وحيث أمر بالارتهان ، لا يقوم الكفيل مقامه . 
فرع 
لا يستوفي القصاص المستحق له ، ولا يعفو ، ولا يعتق عبيده ، ولو كان بعوض  ، ولا يكاتبهم ، ولا يهب أمواله ولو بشرط الثواب  ، ولا يطلق زوجته ولو بعوض    . ولو باع شريكه شقصا مشفوعا ، أخذ أو ترك بحسب المصلحة . فإن ترك بحسب المصلحة ، ثم بلغ الصبي وأراد أخذه ، لم يمكن على الأصح ، كما لو أخذ للمصلحة ، ثم بلغ الصبي وأراد رده . والثاني : يمكن لأنه لو كان بالغا ، كان له الأخذ . وإن خالف المصلحة والأخذ المخالف للمصلحة ، لم يدخل في ولايته ، فلا يفوت بتصرف الولي . 
قلت : فإذا قلنا بالأصح ، فبلغ وادعى أنه ترك الشفعة من غير غبطة ، قال صاحب " المهذب " وغيره : حكمه حكم بيع العقار . - والله أعلم - . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					