الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الصورة الرابعة : في توكيل الوكيل ، فإن سكت الموكل عنه ، نظر ، إن كان أمرا يتأتى له الإتيان به ، لم يجز أن يوكل فيه . وإن لم يتأت منه ، لكونه لا يحسنه ، أو لا يليق بمنصبه ، فله التوكيل على الصحيح ؛ لأن المقصود من مثله الاستنابة . وفي وجه : لا يوكل ، لقصور اللفظ . ولو كثرت التصرفات الموكل فيها ، ولم يمكنه الإتيان بجميعها ، لكثرتها ، فالمذهب : أنه يوكل فيما يزيد على الممكن ، ولا يوكل في الممكن . وفي وجه : يوكل في الجميع . وقيل : لا يوكل في الممكن . وفي الباقي وجهان .

                                                                                                                                                                        وقيل : في الجميع وجهان .

                                                                                                                                                                        وإن أذن له في التوكيل ، فله أحوال .

                                                                                                                                                                        الأول : إذا قال : وكل عن نفسك ، ففعل ، انعزل الثاني بعزل الأول إياه ، وبموته وجنونه على الصحيح في الجميع ؛ لأنه نائبه . ولو عزل الموكل الأول ، انعزل . وفي انعزال الثاني بانعزاله هذا الخلاف . ولو في انعزال الثاني ، انعزل على الأصح ، كما ينعزل بموته وجنونه . والثاني : لا ؛ لأنه ليس وكيلا من جهته . والذي يجمع هذه الاختلافات ، أن الوكيل الثاني ، هل هو وكيل الوكيل الأول كما لو صرح به ، أم وكيل الموكل ، ويكون تقديره : أقم غيرك مقام نفسك ؟ والأصح : أنه وكيل الوكيل الأول .

                                                                                                                                                                        الحال الثاني : أن يقول : وكل عني ، فالثاني وكيل الموكل ، وله عزل أيهما شاء ، وليس لأحدهما عزل الآخر ، ولا ينعزل أحدهما بانعزال الآخر .

                                                                                                                                                                        [ ص: 314 ] الحال الثالث : إذا قال : وكلتك في كذا ، وأذنت لك أن توكل فيه ، ولم يقل : عنك ، ولا عني ، فهذا كالصورة الأولى ، أم كالثانية ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        أصحهما : الثاني . وإذا جوزنا له أن يوكل في صورة سكوت الموكل ، فينبغي أن يوكل عن موكله . فلو وكل عن نفسه ، فوجهان .



                                                                                                                                                                        قلت : أصحهما : لا يجوز . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        حيث ملك الوكيل أن يوكل ، فشرطه أن يوكل أمينا ، إلا أن يعين له غيره . ولو وكل أمينا ، ثم فسق ، هل له عزله ؟ وجهان .

                                                                                                                                                                        قلت : أقيسهما : المنع . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو وكله في تصرف ، وقال : افعل فيه ما شئت ، لم يكن ذلك إذنا في التوكيل على الأصح .

                                                                                                                                                                        قلت : لو قال : كل ما تصنعه ، فهو جائز ، فهو كقوله : افعل ما شئت . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية