الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو دفع إليه دينارا ، وقال : اشتر به شاة ، ووصفها ، فاشترى به شاتين بتلك الصفة ، نظر ، إن لم تساو واحدة منهما دينارا ، لم يصح الشراء للموكل وإن زادت قيمتهما جميعا على الدينار ، لفوات ما وكل فيه . وإن ساوت كل واحدة دينارا ، فقولان . أظهرهما : صحة الشراء ، وحصول الملك فيهما للموكل ؛ لأنه حصل غرضه وزاد خيرا . والثاني : لا تقع الشاتان للموكل ؛ لأنه لم يأذن فيهما ، بل ينظر ، إن اشتراهما في الذمة ، فللموكل واحدة بنصف دينار ، والأخرى للوكيل ، ويرد على الموكل نصف دينار . وللموكل أن ينتزع الثانية منه ، ويقرر العقد فيهما ؛ لأنه عقد العقد له . وفي قول شاذ : لا يصح الشراء للموكل في واحدة منهما ، بل يقعان للوكيل . وإن اشتراهما بعين الدينار ، فقد اشترى شاة بإذنه ، وشاة بلا إذنه ، فيبنى على وقف العقود . فإن قلنا : لا توقف على الإجازة ، بطل العقد في شاة . وفي الأخرى قولا ( تفريق ) الصفقة . وإن قلنا : توقف ، فإن شاء الموكل أخذهما بالدينار ، وإن شاء اقتصر على واحدة ورد الأخرى على البائع . وهذا القول مشكل ؛ لأن تعيين الشاة للموكل أو لإبطال العقد فيها ، ليس بأولى من تعيين الأخرى ، والتخيير [ ص: 319 ] يشبه بيع شاة من شاتين ، وهو باطل . فإذا صححنا الشراء فيهما للموكل ، فباع الوكيل إحداهما بغير إذن الموكل ، ففي صحة بيعه ، قولان . وعلى هذا يخرج ما إذا اشترى شاة بدينار ، وباعها بدينارين . وقيل : هذا الخلاف ، هو القولان في بيع الفضولي ، فعلى الجديد : يلغو ، وعلى القديم : ينعقد موقوفا على إجازة الموكل .

                                                                                                                                                                        قلت : الأظهر : أنه لا يصح بيعه . قال أصحابنا : ولو اشترى به شاتين ، تساوي إحداهما دينارا ، والأخرى بعض دينار ، فطريقان .

                                                                                                                                                                        الأصح منهما عند القاضي أبي الطيب والأصحاب : صحة البيع فيهما جميعا ، ويكون كما لو ساوت كل واحدة دينارا على ما سبق . فعلى الأظهر : يلزم البيع فيهما جميعا للموكل ، وبه قطع المحاملي وغيره . والطريق الثاني : لا يصح في حق الموكل واحدة منهما .

                                                                                                                                                                        فعلى الأظهر : لو باع الوكيل التي تساوي دينارا ، لم يصح قطعا ، وإن باع الأخرى ، فعلى الخلاف . وإن قلنا : للوكيل إحداهما ، كان له التي لا تساوي دينارا بحصتها ، وللموكل انتزاعها كما سبق . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية