الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        في الاستثناء

                                                                                                                                                                        وهو جائز في الإقرار والطلاق وغيرهما ، بشرط أن يكون متصلا ، وأن لا يكون مستغرقا . فإن سكت بعد الإقرار ، أو تكلم بكلام أجنبي عما هو فيه ، ثم استثنى ، لم ينفعه .

                                                                                                                                                                        قلت : هكذا قال أصحابنا ، إن تخلل الكلام الأجنبي ، يبطل الاستثناء . وقال صاحبا " العدة " و " البيان " : إذاقال : علي ألف - أستغفر الله - الأمانة ، صح الاستثناء عندنا ، خلافا لأبي حنيفة رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                        ودليلنا : أنه فصل يسير ، فصار كقوله : علي ألف - يا فلان - الأمانة ، وهذا الذي نقلاه ، فيه نظر . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        ولو استغرق فقال : علي عشرة إلا عشرة ، لم يصح ، وعليه عشرة ، ويجوز استثناء الأكثر ، فإذا قال : علي عشرة إلا تسعة ، أو سوى تسعة ، لزمه درهم .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        الاستثناء من الإثبات نفي ، ومن النفي إثبات . فلو قال : علي عشرة إلا تسعة ، إلا ثمانية ، لزمه تسعة . ولو قال : علي عشرة ، إلا تسعة ، إلا ثمانية ، إلا سبعة ، [ ص: 405 ] إلا ستة ، إلا خمسة ، إلا أربعة ، إلا ثلاثة ، إلا درهمين ، إلا درهما ، لزمه خمسة . وطريق هذا وما أشبهه أن يجمع الإثبات ويجمع النفي ، ويسقط النفي من الإثبات ، فما بقي فهو الواجب . فالأعداد المثبتة هنا ثلاثون ، والمنفية خمسة وعشرون . ثم معرفة المثبت أن العدد المذكور أولا ، إن كان شفعا ، فالأشفاع مثبتة ، والأوتار منفية . وإن كان وترا ، فبالعكس ، وشرطه أن تكون الأعداد المذكورة على التوالي المعتاد ، إذ يتلو كل شفع وترا ، وبالعكس .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        قال : ليس لفلان علي شيء إلا خمسة ، لزمه خمسة . ولو قال : ليس علي عشرة إلا خمسة ، لم يلزمه شيء على الصحيح الذي قاله الأكثرون ؛ لأن العشرة إلا خمسة ، خمسة ، فكأنه قال : ليس علي خمسة . وفي وجه : يلزمه خمسة ، حكاه في " النهاية " بناء على أن الاستثناء من النفي إثبات .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية