الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        النوع الثاني : الصلح عن الإنكار ، فينظر ، إن جرى على غير المدعى ، فهو باطل . وصورة الصلح على الإنكار ، أن يدعي عليه دارا مثلا ، فينكر ، ثم يتصالحا على ثوب أو دين ، ولا يكون طلب الصلح منه إقرارا ؛ لأنه ربما يريد قطع الخصومة ، هذا إذا قال : صالحني مطلقا ، أو صالحني عن دعواك . بل الصلح عن الدعوى لا يصح مع الإقرار أيضا ؛ لأن مجرد الدعوى لا يعتاض عنه . ولو قال بعد الإنكار : صالحني عن الدار التي ادعيتها ، فهل يكون إقرارا ، كما لو قال : ملكني ، أم لا ، لاحتمال قطع الخصومة ؟ وجهان . أصحهما : الثاني . فعلى هذا ، يكون الصلح بعد هذا الالتماس صلح إنكار . ولو قال : بعنيها ، أو هبها لي ، فالصحيح أنه إقرار . لأنه صريح في التماس التمليك . وقال الشيخ أبو حامد : هو كقوله : صالحني . ومثله : لو كان النزاع في جارية ، فقال : زوجنيها . ولو قال : أعرني أو أجرني فأولى بأن لا يكون إقرارا . ولو كان النزاع في دين ، فقال : أبرئني ، فهو إقرار . ولو أبرأ المدعي المدعى عليه وهو منكر ، وقلنا : لا يفتقر الإبراء إلى القبول صح ؛ لأنه مستقل به ، فلا حاجة إلى تصديق الغريم ، بخلاف الصلح . ولهذا لو أبرأه بعد التحليف صح ، ولو تصالحا بعد التحليف لم يصح .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية