فصل
فيما يملك به المقرض قولان منتزعان من كلام رضي الله عنه . أظهرهما : بالقبض . والثاني : بالتصرف . فإن قلنا : بالقبض ، فهل للمقرض أن يلزمه رده بعينه ما دام باقيا ، أم للمستقرض رد بدله مع وجوده ؟ وجهان . أصحهما عند الأكثرين : الأول . ولو رده المستقرض بعينه لزم المقرض قبوله قطعا . وإذ قلنا : يملك بالتصرف ، فمعناه : إذا تصرف ، تبين ثبوت ملكه . ثم في ذلك التصرف ، أوجه . أصحها : أنه كل تصرف يزيل الملك . والثاني : كل تصرف يتعلق بالرقبة . والثالث : كل تصرف يستدعي الملك . فعلى الأوجه : يكفي البيع ، والهبة ، والإعتاق ، والإتلاف . ولا يكفي الرهن ، والتزويج ، والإجارة ، وطحن الحنطة ، وخبز الدقيق ، وذبح الشاة ، على الوجه الأول . الشافعي
قلت : فتكون هذه العقود باطلة ، والله أعلم .
ويكفي ما سوى الإجارة على الثاني ، وما سوى الرهن ، على الثالث ؛ لأنه يجوز أن يستعير الرهن ، فيرهنه . وحكي عن الشيخ أبي حامد : أنه كل تصرف يمنع رجوع الواهب والبائع عند إفلاس المشتري . فإن قلنا بالأول ، فهل يكفي البيع بشرط الخيار ؟ إن قلنا : لا يزيل الملك ، فلا ، وإلا ، فوجهان ؛ لأنه لا يزيله بصفة اللزوم .
[ ص: 36 ] فرع
اقترض حيوانا ، إن قلنا : يملك بالقبض ، فنفقته على المقترض ، وإلا ، فعلى المقرض إلى أن يتصرف المستقرض . ولو ، عتق إذا قبضه إن قلنا : يملك به ، ولا يعتق إن قلنا : بالتصرف . قال في " التهذيب " ويجوز أن يقال : يعتق ويحكم بالملك قبيله . اقترض من يعتق عليه
قلت : جزم صاحب " التتمة " بهذا الاحتمال ، ولكن المعروف : أن لا يعتق . والله أعلم .