وقال حذيفة بن قتادة قيل لرجل فقال ما على وجه الأرض نفس أبغض إلي منها فكيف أعطيها شهواتها ودخل ابن السماك على داود الطائي حين مات وهو في بيته على التراب فقال يا كيف تصنع بنفسك في شهواتها داود سجنت نفسك قبل أن تسجن وعذبت نفسك قبل أن تعذب فاليوم ترى ثواب من كنت تعمل له .
وعن إن رجلا تعبد زمانا ثم بدت له إلى الله تعالى حاجة فقام سبعين سبتا يأكل في كل سبت إحدى عشرة تمرة ثم سأل حاجته فلم يعطها فرجع إلى نفسه وقال منك أتيت لو كان فيك خير لأعطيت حاجتك فنزل إليه ملك وقال يا ابن آدم ساعتك هذه خير من عبادتك التي مضت وقد قضى الله حاجتك . وهب بن منبه
وقال عبد الله بن قيس كنا في غزاة لنا فحضر العدو فصيح في الناس فقاموا إلى المصاف في يوم شديد الريح وإذا رجل أمامي وهو يخاطب نفسه ويقول أي نفسي ألم أشهد مشهد كذا فقلت لي أهلك وعيالك فأطعتك ورجعت ألم أشهد مشهد كذا وكذا فقلت لي أهلك وعيالك فأطعتك ورجعت والله لأعرضنك اليوم على الله أخذك أو تركك فقلت لأرمقنه اليوم فرمقته فحمل الناس على عدوهم فكان في أوائلهم ثم أن العدو حمل على الناس فانكشفوا فكان في موضعه حتى انكشفوا مرات وهو ثابت يقاتل فوالله ما زال ذاك دأبه حتى رأيته صريعا فعددت به وبدابته ستين أو أكثر من ستين طعنة .
وقد ذكرنا حديث أبي طلحة لما اشتغل قلبه في الصلاة بطائر في حائطه فتصدق بالحائط كفارة لذلك .
وإن كان يضرب قدميه بالدرة كل ليلة ويقول ماذا عملت اليوم وعن مجمع أنه رفع رأسه إلى السطح فوقع بصره على امرأة فجعل على نفسه أن لا يرفع رأسه إلى السماء ما دام في الدنيا . عمر
وكان لا يفارقه المصباح بالليل فكان يضع أصبعه عليه ويقول لنفسه ما حملك على أن صنعت يوم كذا وكذا وأنكر الأحنف بن قيس شيئا على نفسه فنتف شعرات على صدره حتى عظم ألمه ثم جعل يقول لنفسه ويحك إنما أريد بك الخير . وهيب بن الورد
ورأى محمد بن بشر داود الطائي وهو يأكل عند إفطاره خبزا بغير ملح فقال له لو أكلته بملح فقال أن نفسى لتدعوني إلى الملح منذ سنة ولا ذاق داود ملحا ما دام في الدنيا .
فكذا كانت عقوبة أولي الحزم لأنفسهم والعجب أنك تعاقب عبدك وأمتك وأهلك وولدك على ما يصدر منهم من سوء خلق وتقصير في أمر وتخاف أنك لو تجاوزت عنهم لخرج أمرهم عن الاختيار وبغوا عليك ثم تهمل نفسك وهي أعظم عدو لك وأشد طغيانا عليك وضررك من طغيانها أعظم من ضررك من طغيان أهلك فإن غايتهم أن يشوشوا عليك معيشة الدنيا ولو عقلت لعلمت إن العيش عيش الآخرة وإن فيه النعيم المقيم الذي لا آخر له ونفسك هي التي تنغص عليك عيش الآخرة فهي بالمعاقبة أولى من غيرها .