الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        من احتاج إلى إجراء ماء المطر من سطحه على سطح غيره ، أو إجراء ماء في أرض رجل ، لم يكن له إجبار صاحب السطح والأرض على المذهب . وحكي قول قديم : أنه يجبر ، وهو شاذ . فإن أذن فيه بإجارة ، أو إعارة ، أو بيع جاز . ثم في السطح لا بد من بيان الموضع الذي يجري عليه الماء ، والسطوح التي ينحدر الماء إليه منها . ولا بأس بالجهل بقدر ماء المطر ؛ لأنه لا يمكن معرفته ، وهذا عقد جوز للحاجة . وإذا أذن وبين ، ثم بنى على سطحه ما يمنع الماء ، فإن كان عارية ، فهو [ ص: 222 ] رجوع ، وإن كان بيعا أو إجارة ، فللمشتري أو المستأجر نقب البناء وإجراء الماء فيه . وأما في الأرض ، فقال في " التهذيب " : لا حاجة في العارية إلى بيان ؛ لأنه إذا شاء رجع ، والأرض تحتمل ما تحتمل . وإن أجر وجب بيان موضع الساقية وطولها وعرضها وعمقها ، وقدر المدة . قال في " الشامل " : ويشترط كون الساقية محفورة . وإذا استأجر ، لا يملك الحفر . وإن باع ، وجب بيان الطول والعرض . وفي العمق وجهان ، بناء على أن المشتري ، يملك موضع المجرى ، أم لا يملك إلا حق الإجراء ؟ ومقتضى كلام الأصحاب ترجيح الأول . هذا إذا كان لفظ البيع : بعتك مسيل الماء . فإن قال : حق مسيل الماء ، فهو كبيع حق البناء ، ويجئ في حقيقة العقد ما سبق في بيع حق البناء . وفي المواضع كلها ، ليس له دخول الأرض بغير إذن مالكها ، إلا أن يريد تنقية النهر ، وعليه أن يخرج من أرضه ما يخرجه من النهر .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        المأذون له في إجراء ماء المطر ، ليس له إلقاء الثلج ، ولا أن يترك الثلج حتى يذوب ويسيل إليه ، ولا أن يجري فيه ما يغسل به ثيابه وأوانيه ، بل لا يجوز أن يصالح على ترك الثلوج على سطحه ولا إجراء الغسالات على مال ؛ لأن الحاجة لا تدعو إليه . وفي الأول ، ضرر ظاهر . وفي الثاني ، جهالة . والمأذون له في إلقاء الثلج ، ليس له إجراء الماء . فرع

                                                                                                                                                                        تجوز المصالحة على قضاء الحاجة في حش غيره على مال ، وكذا على جمع الزبل [ ص: 223 ] والقمامة في ملكه ، وهي إجارة يراعى فيها شرائطها ، وكذا المصالحة على البيتوتة على سطح . فلو باع مستحق البيتوتة منزله ، فليس للمشتري أن يبيت عليه ، بخلاف ما إذا باع مستحق إجراء الماء على غيره مدة

                                                                                                                                                                        [ بقاء ] داره ، فإن المشتري يستحق الإجراء بقية المدة ؛ لأن الإجراء من مرافق الدار ، بخلاف البيتوتة .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        لو خرجت أغصان شجرة إلى هواء ملك جاره ، فللجار مطالبته بإزالتها . فإن لم يفعل ، فله تحويلها عن ملكه . فإن لم يمكن ، فله قطعها ، ولا يحتاج فيه إلى إذن القاضي ، وفيه وجه ضعيف . فلو صالحه على إبقائها بعوض ، لم يصح إن لم يستند الغصن إلى شيء ؛ لأنه اعتياض عن مجرد الهواء . وإن استند إلى جدار ، فإن كان بعد الجفاف ، جاز ، وإن كان رطبا ، فلا ؛ لأنه يزيد ولا يعرف قدر ثقله وضرره . فقال طائفة من أصحابنا البصريين : يجوز ، وما ينمى يكون تابعا . والأول أصح . وانتشار العروق ، كانتشار الأغصان . وكذلك ميل الجدار إلى هواء الجار ، قاله الإصطخري .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية