الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        المسألة الثانية : إذا أخرج كل واحد قدرا من المال الذي تجوز الشركة فيه ، وأراد الشركة ، اشترط خلط المالين خلطا لا يمكن معه التمييز . فإن لم يفعلا ، فتلف مال أحدهما قبل التصرف ، تلف على صاحبه فقط ، وتعذر إثبات الشركة في الباقي ، فلا تصح الشركة إن اختلف الجنس كالدراهم والدنانير ، أو الصفة كاختلاف السكة ، وكالصحاح والمكسرة ، أو المثقوبة ، وكالعتيقة والجديدة ، والبيضاء والسوداء . وفي البيض والسود ، وجه عن الإصطخري . وإذا جوزنا الشركة في المثليات ، وجب تساويهما جنسا ووصفا ، فلا يكفي خلط حنطة حمراء ببيضاء لإمكان التمييز ، وإن كان فيه عسر . وفي وجه : يكفي ؛ لأنه يعد خلطا . وينبغي أن يتقدم الخلط على العقد ، فإن تأخر ، حكى في " التتمة " وجهين . أصحهما : المنع ، إذ لا اشتراك حال العقد . والثاني : الجواز إن وقع في مجلس العقد ؛ لأنه كالعقد . فإن تأخر عنه ، لم يجز على الوجهين . ومال الإمام إلى جوازه ؛ لأن الشركة توكيل ، وتوكل . لكن لو قيد الإذن بالتصرف في المال المفرد ، فلا بد من تجديد الإذن . ولو ورثوا عروضا أو اشتروها ، فقد ملكوها شائعة ، وذلك أبلغ من الخلط . فإذا انضم إليه الإذن في التصرف ، تم العقد . ولهذا قال المزني والأصحاب : الحيلة في الشركة في العروض المتقومة ، أن يبيع كل واحد نصف عرضه بنصف عرض صاحبه ، سواء تجانس العرضان أو اختلفا ، ليصير كل واحد منهما مشتركا بينهما ، فيتقابضان ، ويأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف . وقال في " التتمة " : يصير العرضان مشتركين ، ويملكان التصرف فيهما بالإذن ، لكن لا تثبت أحكام الشركة في الثمن حتى يستأنفا عقدا ، وهو ناض ، ومقتضى إطلاق [ ص: 278 ] الجمهور ، ثبوت الشركة وأحكامها مطلقا ، وهو الصحيح . ولو لم يتبايعا العرضين ، لكن باعاهما بعرض أو نقد ، ففي صحة البيع ، قولان سبقا . فإن صححناها ، كان الثمن مشتركا بينهما على التساوي أو التفاضل بحسب قيمة العرضين ، فيأذن كل واحد لصاحبه في التصرف .

                                                                                                                                                                        قلت : وإذا باع كل واحد بعض عرضه ببعض عرض صاحبه ، فهل يشترط علمهما بقيمة العرضين ؟ وجهان حكاهما في " الحاوي " . والصحيح : لا يشترط . ومن الحيل في هذا أن يبيع كل واحد بعض عرضه لصاحبه بثمن في ذمته ، ثم يتقاصا . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية