الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

باب في الغصب وأحكامه

، وأشار بقوله ( كأن مات ) الحيوان المغصوب عند الغاصب إلى أنه يضمن السماوي كانهدام الدار المغصوبة قبل سكناها ( أو قتل عبد ) مغصوب ( قصاصا ) إن جنى بعد الغصب ، أو لحرابته ، أو ارتداده ( أو ركب ) الدابة [ ص: 444 ] المغصوبة فهلكت ، بل ولو لم يركب ( أو ذبح ) الشيء المغصوب فيضمن القيمة يوم التعدي ولربها أخذها مذبوحة ( أو جحد ) مودع ( وديعة ) ، ثم أقر بها ، أو قامت عليه بينة ، ثم هلكت ولو بسماوي ; لأنه بجحدها صار كالغاصب ( أو أكل ) شخص طعاما مغصوبا ( بلا علم ) منه بأن الطعام مغصوب وبدئ بالغاصب فإن أعسر ، أو لم يقدر عليه فعلى الآكل بقدر أكله ، أو ما وهب له فإن أعسر اتبع أولهما يسرا ومن أخذ منه شيء فلا رجوع له على الآخر .

وأما بعلم فهو ، والغاصب سواء ( أو أكره غيره على التلف ) فإن المكره بالكسر يضمن لكن يبدأ بالمباشر للتلف على المكره بالكسر وكذا من أغرى ظالما على مال لا يتبع المغري بالكسر إلا بعد تعذر الرجوع على المغرى بالفتح ; لأن المباشر يقدم على المتسبب ومفهوم على التلف أنه لو أكرهه على أن يأتيه بمال الغير فأتى له به فالضمان على كل منهما على السواء ( أو حفر بئرا تعديا ) بأن حفرها في أرض غيره ، أو في طريق الناس فتردى فيها شيء ضمن .

وأما بملكه بغير قصد ضرر فلا ضمان عليه ( وقدم عليه ) أي على الحافر لها في الضمان ( المردي ) أي تعلق به الضمان وحده ; لأنه المباشر ، والحافر متسبب ، والمباشر مقدم في الضمان ولا ضمان على الحافر ( إلا ) أن يحفرها ( لمعين ) فرداه [ ص: 445 ] فيها غيره ( فسيان ) الحافر ، والمردي في القصاص عليهما في الإنسان المكافئ وضمان غيره ( أو فتح قيد عبد ) مثلا قيد ( لئلا يأبق ) فأبق ضمن قيمته لربه ( أو ) فتح بابا مغلقا ( على غير عاقل ) فذهب فيضمنه ( إلا بمصاحبة ربه ) له حين الفتح فلا ضمان على الفاتح إذا لم يكن طيرا ، وإلا ضمن ; لأن الطير لا يمكن ترجيعه عادة ( أو ) فتح ( حرزا ) فسال ما فيه إذا كان مائعا ، أو أخذ منه شيء إذا كان جامدا ( المثلي ) معمول لقوله ضمن ( ولو بغلاء بمثله ) ورد بلو قول من قال إذا غصبه يوم الغلاء فرخص بعد ذلك أخذ ربه قيمته يوم الغصب ( وصبر ) ربه إذا تعذر وجود المثل كفاكهة خرج أبانها ( لوجوده و ) صبر ( لبلده ) أي لبلد الغصب إن وجد الغاصب بغيره ( ولو صاحبه ) بأن كان المثلي المغصوب مع الغاصب في غير بلد الغصب ; لأن نقله فوت يوجب رد المثل لا رد العين وجاز دفع ثمن عن الطعام المثلي على المذهب ; لأن طعام الغصب يجري مجرى طعام القرض ويجب التعجيل لئلا يكون فسخ دين في دين ورد بلو قول أشهب يخير ربه بين أخذه فيه ، أو في مكان الغصب ( ومنع ) الغاصب ( منه ) أي من التصرف فيه ( للتوثق ) برهن ، أو حميل خشية ضياع حق ربه ومثله المقوم حيث احتاج لكبير حمل [ ص: 446 ] ولم يأخذه ربه ، وإذا منع من التصرف للتوثق فتصرف فيه فتصرفه مردود فلا يجوز لمن وهب له منه شيء قبوله ولا الأكل منه مثلا وظاهره ولو فات عند الغاصب ولزمه القيمة وبه قال بعض ، وقال بعضهم يجوز حينئذ ورجح .

وحاصله أن الحرام لا يجوز قبوله ولا الأكل منه ولا السكنى فيه ما لم يفت عند الظالم وتتعين عليه القيمة ، وإلا جاز على الأرجح ومن اتقاه فقد استبرأ لدينه وعرضه .

التالي السابق


تفسير الأية

ترجمة العلم

عناوين الشجرة

تخريج الحديث