الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
( و ) جاز ( مساقاة وصي ) حائط محجوره ; لأنه من جملة تصرفه له ، وهو محمول على النظر ( و ) مساقاة ( مدين ) حائطه قبل قيام غرمائه عليه ، وهو معنى قوله ( بلا حجر ) ولا فسخ لغرمائه بخلاف ما لو أكرى أو ساقى بعد قيامهم فلهم الفسخ كما تقدم .

( و ) جاز لمسلم ( دفعه ) أي حائطه ( لذمي ) يعمل فيه مساقاة ( لم يعصر حصته خمرا ) وإلا لم يجز لما فيه من إعانتهم على المعصية ( لا مشاركة ربه ) أي الحائط في المساقاة فلا تجوز أي لا يجوز لرب الحائط أن يشارك عاملا في مساقاة حائطه على أن له جزءا معلوما من الثمرة ; لأنه على خلاف ما جاءت به السنة ( أو ) ( إعطاء أرض ) لرجل [ ص: 547 ] ( ليغرس ) فيها شجرا من عنده ( فإذا بلغت ) حد الإثمار مثلا ( كانت ) الحائط بيده ( مساقاة ) سنين سماها له أو أطلق ثم يكون الغرس ملكا لرب الأرض كما في النص فلا يجوز فإن نزل فسخت المغارسة ما لم يثمر الشجر أو أثمر ولم يعمل وللعامل أجرة مثله وقيمة ما أنفقه وقيمة الأشجار يوم غرسها فإن أثمر الشجر وعمل لم تنفسخ المساقاة وكان له مساقاة مثله .

وأما لو دخلا على أن الأرض والشجر بينهما جاز إن عين ما يغرس في الأرض وكانت مغارسة وإلا فلا فإن عثر عليهما قبل العمل فسخت وبعده مضت وعلى رب الأرض نصف قيمة الغرس يوم الغرس و على الغارس قيمة نصف الأرض براحا وكان الحائط بينهما على ما شرطا ( أو ) إعطاء ( شجر لم يبلغ ) حد الإطعام في عام العقد فيساقيه عليه ( خمس سنين ) أو أقل أو أكثر ( وهي ) أي والحال أن الأشجار ( تبلغ أثناءها ) أي أثناء الخمس سنين أي أثناء المدة فلا يجوز فمدار المنع على إعطائه شجرا لم يبلغ حد الإطعام في عامه مدة كخمس سنين مثلا وهي تبلغ بعد عامين مثلا من تلك المدة فهذا مفهوم قوله سابقا ذي ثمر إذ معناه بلغ حد الإثمار كما تقدم وقوله لم تبلغ معموله محذوف أي حد الإطعام وخمس سنين معمول مساقاة المقدر ولا مفهوم لخمس كما تقدم فإن عثر على ذلك قبل بلوغها الإطعام فسخ وكان للعامل أجر مثله ونفقته ، وإن عثر على ذلك بعد بلوغ الإطعام أي وعمل لم تنفسخ في بقية المدة وكان للعامل في بقية مدة المساقاة مساقاة مثله وفيما مضى أجرة مثله

التالي السابق


( قوله مساقاة وصي ) أي من قبل الأب لا من الأم إذ لا ولاية لها حتى توصي خلافا لعبق انظر بن ومثله القاضي ومقدمه ( قوله حائط محجوره ) أي دفعها لعامل يعمل فيها على وجه المساقاة وهل يجوز له أن يعمل بنفسه مساقاة في حائط اليتيم الذي في حجره ; لأنه ليس مما يغاب عليه أو ليس له ذلك كالقراض انظر في ذلك ( قوله وهو محمول على النظر ) لأن هذا ليس من بيع ربعه حتى يحمل على عدم النظر ( قوله ومساقاة مدين حائطه ) أي دفعه لعامل مساقاة ( قوله ، وهو ) أي كونه قبل قيام غرمائه عليه معنى قوله بلا حجر أي بلا قيام غرمائه عليه ( قوله فلهم الفسخ ) أي ; لأن قيام الغرماء يمنع التصرف مطلقا سواء كان على وجه التبرع أو على وجه المعاوضة والذي يمنع التبرع فقط إنما هو إحاطة الدين ( قوله لم يعصر ) أي إذا تحقق أو ظن ظنا قويا أنه لم يعصر حصته التي يأخذها على العمل خمرا وسواء اشترط عليه ذلك أي عدم العصر أو لا فالمدار على غلبة الظن بعدم العصر هذا هو المعتمد خلافا للبساطي ومن تبعه من أنه لا بد في الجواز من أن يشترط المسلم عليه عدم عصر حصته خمرا ويدل للأول مساقاته عليه السلام لأهل خيبر ولم يرو أنه اشترط عليهم ذلك اكتفاء بالظن القوي أنهم لا يعصرون ( قوله وإلا لم يجز ) أي وإلا بأن تحقق عصره له خمرا أو ظن ذلك أو شك فيه لم يجز والظاهر الكراهة حالة الشك قياسا على ما ذكره من كراهة مقارضة من شك في عمله بالربا ومعاملته ( قوله لا مشاركة ربه ) هذا شروع في بيان الأمور التي لا تجوز في المساقاة وهذه المسألة غير قوله الآتي واشترط عمل ربه ; لأنه وقع العقد في هذه ابتداء على أن العمل عليهما والربح بينهما على ما شرطا كأن يقول رب الحائط لشخص أسقي أنا وأنت في حائطي ولك نصف ثمرته بخلاف المسألة الآتية فإن معناها أن العامل شرط حين العقد على رب الحائط أن يعمل معه مجانا ويصح حمل كلام المصنف أيضا على ما إذا اشترط العامل على رب الحائط حين العقد العمل معه ويشاركه في الجزء الذي شرطه له ( قوله ; لأنه على خلاف إلخ ) أي ; لأن السنة إنما جاءت بتسليم رب [ ص: 547 ] الحائط الحائط للعامل فإن وقع ونزل فإن كان المشترط هنا رب الحائط فللعامل أجرة مثله ، وإن كان المشترط العامل فله مساقاة مثله ووجه ذلك أنه في الأولى لما اشترط رب الحائط على العامل أن يعمل هو معه ولم يسلم له الحائط فكأنه آجره على معاونته في العمل بخلاف الثانية فإنه لما سلم له الحائط ، وكان المشترط العامل ترجح جانب المساقاة دون الإجارة فكان للعامل مساقاة مثله ( قوله ليغرس فيها شجرا من عنده ) أي ويقوم بخدمته ( قوله فإذا بلغت حد الإثمار مثلا ) أي أو بلغت قدر كذا من السنين ( قوله أو أطلق ) عطف على سماها أي أو أطلق في السنين ولم يسم عددها ( قوله ثم يكون الغرس ) أي ثم بعد مضي مدة المساقاة يكون الغرس ملكا لرب الأرض أي خاليا عن المساقاة ( قوله فلا يجوز ) أي لما في ذلك من المخاطرة إذ لا يدري هل يبقى ذلك الشجر أو يموت قبل إتيان زمن المساقاة أو فيه أو بعده ( قوله فسخت المغارسة ) يعني العقدة كلها المحتوية على المغارسة والمساقاة بدليل ما بعده ( قوله ما لم يثمر إلخ ) أي أن فسخ العقدة في صورتين ما إذا لم يثمر الشجر ، وإن حصل منه عمل أو أثمر من غير حصول عمل يعني في زمن المساقاة وذلك بعد بلوغ القدر المعلوم ( قوله وللعامل إلخ ) أي وإذا فسخت فللعامل فيما تقدم على سنين المساقاة أجرة مثله في مقابلة عمله وله نفقته التي أنفقها على الشجر وله قيمة الإشجار يوم غرسها فله أمور ( قوله فإن أثمر وعمل ) أي في زمن المساقاة وقوله وكان له مساقاة مثله أي زيادة على الأمور الثلاثة المتقدمة ، وهي أجرة مثله ونفقته التي أنفقها على الشجر وقيمة الشجر يوم غرسه .

( قوله على أن الأرض والشجر بينهما ) أي من حين الغرس أو إذا بلغ حد كذا ( قوله ما يغرس في الأرض ) أي من نوع الشجر ، وإن لم يعين عدده وقوله وكانت مغارسة أي صحيحة فلا ينافي أن صورة المصنف مغارسة أيضا إلا أنها فاسدة ( قوله وإلا فلا ) أي ، وإن لم يعين ما يغرس فيها حين العقد كانت مغارسة فاسدة ( قوله فإن عثر عليهما ) أي على المتعاقدين في هذه المغارسة الفاسدة ( قوله ، وهي تبلغ أثناءها ) أي ، وهي تبلغ حد الإطعام في أثناء مدة المساقاة ومن باب أولى إذا لم تبلغ أثناءها بل بعدها لضياع عمله باطلا ( قوله أي أثناء المدة ) أي أثناء مدة المساقاة كانت خمس سنين أو أقل أو أكثر ( قوله فلا يجوز ) أي للخطر ( قوله ولا مفهوم لخمس ) أي وإنما عبر المصنف بها تبعا للرواية أي رواية ابن القاسم عن مالك في المدونة وقد علمت أن ما في الرواية فرض مسألة .

( قوله قبل بلوغه الإطعام ) أي وبعد العمل بدليل قوله وكان للعامل أجر مثله .

وأما لو عثر على ذلك بعد الإطعام وقبل العمل فسخ ولا علقة لأحد بأحد ( قوله أي وعمل ) ، وأما لو عثر على ذلك بعد الإطعام ولم يعمل فسخت ولا شيء له ( قوله مساقاة مثله ) أي فتزاد هذه المسألة على المسائل التسعة الآتية




الخدمات العلمية