الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 261 ] كتاب الإجارة بتثليث الهمزة والكسر أفصح ، وهي لغة : اسم للأجرة ثم اشتهرت في العقد : وشرعا : تمليك منفعة بعوض بالشروط الآتية منها علم عوضها وقبولها للبذل والإباحة ، فخرج بالأخير نحو منفعة البضع على أن الزوج لم يملكها وإنما ملك أن ينتفع بها وبالعلم المساقاة والجعالة على عمل مجهول فلا يشترط في الأول علم العوض ، وإن كان قد يكون معلوما كأن ساقاه على ثمرة موجودة ، وقد تقع الثانية على عمل معلوم . والأصل فيها قبل الإجماع آيات كقوله تعالى { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } ومنازعة الإسنوي في الاستدلال بها مردودة ، إذ مفادها وقوله الإرضاع للآباء وهو مستلزم الإذن لهن فيه بعوض وإلا كان تبرعا ، وهذا الإذن بالعوض هو العقد ، وقوله أيضا { وإن تعاسرتم } الآية ، وأخبار كاستئجاره صلى الله عليه وسلم والصديق رجل من بني الديل يقال له [ ص: 262 ] عبد الله بن الأريقط ، وأمره صلى الله عليه وسلم بالمؤاجرة ، والحاجة بل الضرورة داعية إليها .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            [ ص: 261 ] كتاب الإجارة ( قوله : ثم اشتهرت ) أي لغة على وجه المجاز بدليل قوله وشرعا ( قوله وقبولها للبذل والإباحة ) عطف تفسير على البذل ، ويدل ما عليه قوله في بيان المحترز : فخرج بالأخير وبالعلم ( قوله : نحو منفعة البضع ) أي فلا تصح أجرة الجواري للوطء ، وقوله على أن إلخ أشار به إلى عدم ورود عقد النكاح ( قوله : على أن الزوج ) أي فلا حاجة للإخراج ( قوله : وبالعلم ) أي بالعوض ( قوله على عمل ) قيد في الجعالة فإن عملها قد يكون معلوما ، بخلاف المساقاة فإن عملها مجهول دائما . نعم عوضها قد يكون معلوما كأن عقد على ثمرة موجودة ( قوله : فلا يشترط في الأول ) أي المساقاة أشار به إلى دفع ما أورد عليه من أن التعريف غير مانع إذ يدخل فيه المساقاة إذا كان عوضها معلوما والجعالة إذا كان عملها معلوما . وحاصل الجواب أنه لا يرد واحد منهما لأن العلم بالعمل والعوض شرط في الإجارة ، وليس ذلك شرطا في المساقاة والجعالة وإن اتفق وجوده . واعترض سم على حج هذا الجواب بأن عدم الاشتراط لا دخل له في دفع الاعتراض ، لأنه متى دخل في التعريف فرد من غيره لم يكن مانعا ا هـ . وأقول أما المساقاة فلا ترد لأن العوض وإن كان معلوما لكن العمل مجهول فلا تصدق الإجارة عليها ، وأما الجعالة فيمكن إخراجها بأن يزاد في التعريف ما يؤخذ من صيغتها الآتية أنها بلفظ الإجارة أو نحوها ( قوله : وإن كان ) أي العوض ( قوله { وإن تعاسرتم } الآية ) قال حج : ولك أن تقول إن أراد المنازعة على أصل الإيجار فرده بما ذكر واضح ، أو مع الإيجاب والقبول لم يصلح ذلك لرده إذ لا دلالة فيها على القبول لفظا بوجه ، والصديق مفعول معه ، ويصح أن يكون عطفا على الضمير فهو بالجر ( قوله : من بنى الديل ) بكسر الدال وسكون الياء التحتية ، [ ص: 262 ] وقيل بضم أوله وكسر ثانيه مهموزا ا هـ فتح الباري أي ليدلهم على طريق المدينة حين الهجرة ( قوله بالمؤاجرة ) هو بالهمز ، يقول كما في القاموس أجره إيجارا ومؤاجرة ، ويجوز إبدال الهمزة واوا لكونه مفتوحا بعد ضمة ( قوله : داعية إليها ) أي الإجارة .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 261 ] كتاب الإجارة ( قوله : منها علم عوضها ) يعني عوض الإجارة الشامل للمنفعة والأجرة بدليل قوله فيما يأتي : وبالعلم المساقاة والجعالة على عمل مجهول ، أما الضمير في قبولها فهو للمنفعة بدليل ما أخرجه بذلك أيضا .

                                                                                                                            ولك أن تقول : إذا كان الضمير في عوضها للإجارة كما تقرر فلا ترد المساقاة أصلا ; لأن أحد العوضين فيها وهو العمل لا يكون إلا مجهولا فهي خارجة باشتراط العلم في العوضين هنا . ( قوله : على عمل مجهول ) فيه أن الجد حينئذ غير مانع لدخول [ ص: 262 ] المساقاة والجعالة على معلوم ، فلا يكون في التعريف ما يخرجهما ، وعبارة التحفة : وبالعلم المساقاة والجعالة كالحج بالرزق فإنه لا يشترط فيهما علم العوض وإن كان قد يكون معلوما كمساقاة على ثمرة موجودة وجعالة على معلوم انتهت .

                                                                                                                            فجعل المساقاة والجعالة خارجين مطلقا بقيد اشتراط العلم هنا ; لأنهما وإن وقعا على معلوم إلا أنه ليس على وجه الاشتراط




                                                                                                                            الخدمات العلمية