الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( والسكران من لا يفرق بين ) الرجل والمرأة و ( السماء والأرض . وقالا : من يختلط كلامه ) غالبا ، فلو نصفه مستقيما فليس بسكران بحر ( ويختار للفتوى ) لضعف دليل الإمام فتح .

( ولو ارتد السكران ) لم يصح ( فلا تحرم عرسه ) وهذه إحدى المسائل السبع المستثناة من أنه كالصاحي كما [ ص: 42 ] بسطه المصنف معزيا للأشباه وغيرها .

التالي السابق


( قوله والسكران إلخ ) بيان لحقيقة السكر الذي هو شرط لوجوب الحد في شرب ما سوى الخمر من الأشربة ، ولما كان السكر متفاوتا اشترط الإمام أقصاه درءا للحد ، وذلك بأن لا يميز بين شيء وشيء ; لأن ما دون ذلك لا يعرى عن شبهة الصحو ، نعم وافقهما الإمام في حق حرمة القدر المسكر من الأشربة المباحة فاعتبر فيها اختلاط الكلام ، وهذا معنى قوله في الهداية : والمعتبر في القدر المسكر في حق الحرمة ما قالاه إجماعا أخذا بالاحتياط ا هـ : وذكر في الفتح أنه ينبغي أن يكون قوله كقولهما أيضا في السكر الذي لا يصح ردته فيما دونه مع أنه يجب للحدود ، وكذا في الذي لا تصح معه الردة ، إذ لو اعتبر فيه أقصاه لزم أن تصح ردته فيما دونه مع أنه يجب أن يحتاط في عدم تكفير المسلم ، والإمام إنما اعتبر أقصى السكر للاحتياط في درء السكر واعتبار الأقصى هنا خلاف الاحتياط ، هذا حاصل ما في الفتح .

قلت : لكن ينبغي أن تصح ردته فيما دون الأقصى بالنسبة إلى فسخ النكاح ; لأن فيه حق العبد ، وفيه العمل بالاحتياط أيضا كما لا يخفى ( قوله ولو ارتد السكران لم يصح ) أي لم يصح ارتداده : أي لم يحكم به . قال في الفتح : ; لأن الكفر من باب الاعتقاد أو الاستخفاف ، ولا اعتقاد للسكران ولا استخفاف ; لأنهما فرع قيام الإدراك . وهذا في حق الحكم ، أما فيما بينه وبين الله تعالى ، فإن كان في الواقع قصد أن يتكلم به ذاكرا لمعناه كفر وإلا لا . ا هـ . وقد علمت آنفا ما المراد بالسكر هنا ( قوله فلا تحرم عرسه ) أي بسبب الردة في حالة السكر ، أما لو طلقها فإنه يقع كما يأتي بيانه ( قوله وهذه إلخ ) يعني أن حكم السكران من محرم كالصاحي إلا في سبع : لا تصح ردته [ ص: 42 ] ولا إقراره بالحدود الخالصة ، ولا إشهاده على شهادة نفسه ، ولا تزويجه الصغير بأكثر من مهر المثل أو الصغيرة بأقل ، ولا تطليقه زوجة من وكله بتطليقها حين صحوه ، ولا بيعه متاع من وكله بالبيع صاحيا ، ولا رد الغاصب عليه ما غصبه منه قبل سكره ، هذا حاصل ما في الأشباه : ونازعه محشية الحموي في الأخيرة بأن المنقول في العمادية أن حكم السكران فيها كالصاحي ، فيبرأ الغاصب من الضمان بالرد عليه ، وفي مسألة الوكالة بالتطليق بأن الصحيح الوقوع نص عليه في الخانية والبحر . ا هـ . وقد قدمناه أول كتاب الطلاق ، وكتبنا هناك عن التحرير أن السكران إن كان سكره بطريق محرم لا يبطل تكليفه ، فتلزمه الأحكام ، وتصح عباراته من الطلاق والعتاق والبيع والإقرار ، وتزويج الصغار من كفء والإقراض والاستقراض ; لأن العقل قائم ، وإنما عرض فوات فهم الخطاب بمعصيته فبقي في حق الإثم ووجوب القضاء ، ويصح إسلامه كالمكره لا ردته لعدم القصد ا هـ وقدم الشارح هناك أنه اختلف التصحيح في طلاق من سكر مكرها أو مضطرا وقدمنا هناك أن الراجح عدم الوقوع ، وقدمنا آنفا عن الفتح أنه كالصاحي فيما فيه حقوق العباد عقوبة له




الخدمات العلمية