الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
8610 4372 - (8828) - (2\370) عن أبي هريرة، قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ مرت سحابة، فقال: "تدرون ما هذه؟ "، قال: قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: " العنان، وروايا الأرض، يسوقه الله إلى من لا يشكره من عباده ولا يدعونه، أتدرون ما هذه فوقكم؟ "، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال:

[ ص: 129 ]

الرقيع، موج مكفوف، وسقف محفوظ، أتدرون كم بينكم وبينها؟ "، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "مسيرة خمس مائة عام"، ثم قال: أتدرون ما التي فوقها؛ "، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "سماء أخرى، أتدرون كم بينكم وبينها؛ "، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "مسيرة خمس مائة عام"، حتى عد سبع سماوات، ثم قال: "أتدرون ما فوق ذلك؛ "، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال:العرش"، قال: أتدرون كم بينه وبين السماء السابعة؛ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: مسيرة خمس مائة عام".

ثم قال: أتدرون ما هذا تحتكم؟ ، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "أرض، أتدرون ما تحتها؛ "، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: "أرض أخرى، أتدرون كم بينهما؟ "، قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: " مسيرة خمس مائة عام"، حتى عد سبع أرضين، ثم قال: وأيم الله! لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى السابعة، لهبط "، ثم قرأ: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم
[الحديد: 3]

التالي السابق


* قوله: "قال: العنان"؛ هو بالفتح: السحاب، جمع عنانة، وقيل:

ما عن لك منها؛ أي: بدا لك إذا رفعت رأسك.

* "وروايا الأرض"؛ الروايا من الإبل: الحوامل للماء.

"الرقيع"؛ قيل: الرقيع: اسم لكل سماء، وقيل: اسم للسماء الدنيا، وعلى الأول وجه التسمية أن كل سماء رقعت بالتي تليها كما يرقع الثوب بالرقعة، وعلى الثاني وجهها أن السماء الدنيا مرقوعة بالنجوم والأنوار. "مكفوف"؛ أي: ممنوع من السقوط بحفظ الله تعالى من أن يقع على الأرض، شبهها بالموج المكفوف في كونهـا معلقة بغير عمد.

* وقوله: "قال: سماء أخرى إلى قوله مسيرة خمس مائة عام": يريد؛ أي: خمس مائة عام آخر مضمومة إلى الأول.

[ ص: 130 ]

* "لو دليتم": بتشديد اللام؛ يقال: دليت الدلو، وأدليتها؛ أي: أرسلتها إلى البئر.

* "لهبط": وفي رواية الترمذي: "لهبط على الله".

قلت: ظاهره يوافق ظاهر قوله تعالى: ألا إنه بكل شيء محيط [فصلت: 54]

وقوله: والله من ورائهم محيط [ البروج : 20 ] ، وهذا لا يدرى ولا يكشف.

وقال الترمذي: فسر بعض أهل العلم هذا الحديث، فقالوا: إنما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه في كل مكان، وهو على العرش كما وصف في كتابه. انتهى.

قلت: وبمثله أول نحو قوله تعالى: ألا إنه بكل شيء محيط ، ويؤيده قوله تعالى: وسع كل شيء علما [طه: 98]، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية