الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
10692 4820 - (11076) - (3\10 - 11) عن أبي سعيد، قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، وهو يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له، فلما تقضين،

[ ص: 374 ]

أمر ببنيانه فنقض، ثم أبينت له أنها في العشر الأواخر، فأمر بالبناء فأعيد، ثم اعتكف العشر الأواخر، ثم خرج على الناس فقال: "يا أيها الناس! إنها أبينت لي ليلة القدر، فخرجت لأخبركم بها، فجاء رجلان يحيفان معهما الشيطان، فنسيتها، فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة"، فقلت: يا أبا سعيد إنكم أعلم بالعدد منا، قال: إنا أحق بذاك منكم، فما التاسعة والسابعة والخامسة؟ قال: تدع التي تدعون إحدى وعشرين والتي تليها التاسعة، وتدع التي تدعون ثلاثة وعشرين والتي تليها السابعة، وتدع التي تدعون خمسة وعشرين والتي تليها الخامسة.


التالي السابق


* قوله : "قبل أن تبان له": على بناء المفعول من الإبانة.

* "فلما تقضين": من التقضي، وفي بعض النسخ: من الانقضاء، وهو رواية مسلم.

وفي "القاموس"؛ تقضى: فني وانصرم؛ كانقضى.

* "ثم أبينت": من الإبانة؛ أي: ليلة القدر، وقوله: إنها في العشر الأواخر بدل من ضمير أبينت الراجع إلى ليلة القدر.

* "ثم خرج"؛ أي: بعد أن شرع في الاعتكاف الثاني.

* "إنها": الضمير للقصة.

* "فجاء رجلان يحتقان": قد ضبط في "مسلم" على لفظ المضارع؛ من الافتعال من الحق.

قال النووي: هو بقاف، ومعناه: يطلب كل واحد منهما حقه، ويدعي أنه

[ ص: 375 ]

المحق، وفيه أن المخاصمة مذمومة، وأنها سبب للعقوبة المعنوية، انتهى.

وفي نسخ "المسند" قد ضبطه بعضهم على لفظ المضارع من الحيف بمعنى الجور والظلم، وبعضهم على لفظ تثنية النحيف بمعنى الضعيف، والنسخة القديمة كانت محتملة لما ذكره النووي وغيره، والله تعالى أعلم.

* "فقلت: يا أبا سعيد": قال الأبي في "شرح مسلم": لما احتملت هاهنا

أن تكون تاسعة ما مضى، أو تاسعة ما بقي، سأله، وقال: أنتم أعلم بهذا العدد، انتهى.

ولعله سأله؛ لأنه قدم التاسعة على السابعة والخامسة.

* "والتي تليها التاسعة": هذا التفسير لا يناسب ما ورد من التماس ليلة القدر

في الأوتار، وكذا ما ظهر أنها كانت في تلك السنة ليلة إحدى وعشرين، إلا أن يجاب عن الأول؛ بأن المراد: أوتار ما بقي لا أوتار ما مضى؛ فإن طريقة العرب في التاريخ إذا جاوزوا نصف الشهر، فإنما يؤرخون بالباقي منه، لا بالماضي؛ ولذلك جاء في حديث ابن عباس مرفوعا: "التمسوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى" ، وقد جاء عن مالك: أن التاسعة ليلة إحدى وعشرين، والسابعة ليلة ثلاث وعشرين، والخامسة ليلة خمس وعشرين، لكن جاء أنه رجع عنه بعد ذلك.

قلت: بناؤنا عن مالك على نقصان الشهور، وبناؤنا، عن أبي سعيد على تمامه، والله تعالى أعلم.






الخدمات العلمية