الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثانية والعشرون : وبوجوب أن يؤدي فرض الصلاة كاملة لا خلل فيها .

                                                                                                                                                                                                                              ذكره النووي والماوردي والعراقي شارح المهذب ، وفي كلام الإمام ما يرشد إليه ، ولم يتعرض له الشيخان . ووجهه ظاهر ، فإن الخلل الحاصل في الصلاة من تلاعب الشيطان ، وهو معصوم منه -صلى الله عليه وسلم- بخلاف غيره ، وينبغي أن يتحقق بذلك سائر عبادته -صلى الله عليه وسلم- .

                                                                                                                                                                                                                              الثالثة والعشرون : وبوجوب إتمام كل تطوع شرع فيه . وضعفه البلقيني ، فقد روى مسلم عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم : يا عائشة ، هل عندكم شيء ؟ قالت : ما عندنا شيء قال : فإني صائم فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأهديت لنا هدية ، أو جاء لنا زود قالت : فلما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت : يا رسول الله ، أهديت لنا هدية أو جاءنا زود وقد خبأت لك شيئا قال : ما هو ؟ قلت : حيس ، قال : هاتيه ، فجئت به فأكل ثم قال : قد كنت أصبحت صائما" .

                                                                                                                                                                                                                              فهذا الحديث صريح الدلالة على عدم وجوب ذلك عليه ، ولزومه كما في حقنا .

                                                                                                                                                                                                                              الرابعة والعشرون : وبوجوب الدفع بالتي هي أحسن ، لأنه مأمور بذلك ، ذكره ابن القاص ، وأقره ابن الملقن ، ولم يتعرض لهذا الشيخان . قال الله تعالى : ادفع بالتي هي أحسن [فصلت - 34] والأمر في الآية للوجوب ، ويحتمل الندب فإن قلنا بالوجوب ، فهو بالنسبة إلى هذه الأمة بحكم باق مستمر ، وأما بالنسبة إلى الكفار من موادعتهم وترك التعرض لهم فمنسوخ بآية القتال ، كما ذكره غير واحد من أئمة التفسير .

                                                                                                                                                                                                                              الخامسة والعشرون : وبتكليف ما كلفه الناس بأجمعهم من العلم ذكره ابن القاص ، ونقله عنه البيهقي وابن الملقن ، وعبارة أبي سعيد في "الشرف" ، وكلف من العمل بما كلف الناس به أجمعون وبين الأمرين فرق . [ ص: 402 ]

                                                                                                                                                                                                                              السادسة والعشرون : وبوجوب الاستغفار له والتوبة في اليوم مائة مرة إذا غان على قلبه . ذكره ابن القاص ، ولم يذكره الشيخان ، وقد جزم به البيهقي وأبو سعيد في الشرف ويستغفر كل يوم سبعين مرة . وعبارة رزين : "وبما وجب عليه أن يستغفر في كل يوم سبعين مرة" .

                                                                                                                                                                                                                              روى البخاري عن أبي هريرة (-رضي الله عنه- ) قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة" .

                                                                                                                                                                                                                              وللترمذي عنه بلفظ : "إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة" .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم عن الأغر المزني- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إنه يغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله مائة مرة" .

                                                                                                                                                                                                                              وقد تقدم الكلام على ذلك في باب استغفاره وتوبته -صلى الله عليه وسلم- ، من صفاته المعنوية . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية