الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الثاني في أسماء المدينة مرتبة على حروف المعجم

                                                                                                                                                                                                                              الأول فالأول مستقصاة ، لأن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى ، فما ذكره الزركشي في "الإعلام" ، وصاحب القاموس في غيره ، والسيد في تاريخه بلغ بها خمسة وتسعين اسما وهي :

                                                                                                                                                                                                                              - "أثرب" : بالفتح وإسكان المثلثة وكسر الراء فموحدة ، لغة في يثرب ، اسم من سكنها أولا ، سميت به أرض المدينة كلها عند أبي عبيدة ، أو هي فقط عند ابن عباس ، أو ناحية منها .

                                                                                                                                                                                                                              وعلى الثالث ، فإطلاقه على المدينة مع ذلك صحيح ثابت ، إما وضعا لها ، أو من إطلاق اسم البعض على الكل ، أو المشتهر من باب عكسه ، وورد النهي عن تسميتها بذلك كما سيأتي .

                                                                                                                                                                                                                              - "أرض الله" : لقوله تعالى : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها [النساء 97] قال جماعة : المراد المدينة ، وفي هذه الإضافة من مزيد التعظيم ما لا يخفى .

                                                                                                                                                                                                                              "أرض الهجرة" : لحديث فيه [المدينة قبة الإسلام] .

                                                                                                                                                                                                                              - "أكالة البلدان" : لتسلطها على جميع الأمصار ، وارتفاعها على سائر بلدان الأقطار ، وافتتاحها منها على أيدي أهلها ، فغنموها وأكلوها .

                                                                                                                                                                                                                              - "أكالة القرى" : لحديث "أمرت بقرية تأكل القرى" .

                                                                                                                                                                                                                              "الإيمان" : لقوله تعالى في الأنصار : والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم [الحشر 9] قال عثمان بن عبد الرحمن وعبد الله بن جعفر : "سمى الله تعالى المدينة الدار والإيمان" ، رواه محمد بن الحسن المخزومي عنهما . وابن شبة عن الثاني . وقال البيضاوي :

                                                                                                                                                                                                                              "سمى الله المدينة بالإيمان لأنها مظهره ومصيره" . وعن أنس بن مالك [أن ملك] الإيمان قال :

                                                                                                                                                                                                                              "أنا أسكن المدينة" ، فقال [ملك] الحياء : "وأنا معك" ، رواه الدينوري في كتابه "المجالسة" .

                                                                                                                                                                                                                              - "البارة" : بتشديد الراء .

                                                                                                                                                                                                                              - "البرة" : بالتشديد أيضا ، لكثرة برها لأهلها خصوصا ، ولجميع العالم عموما ، لأنها منبع الفيض والبركات .

                                                                                                                                                                                                                              - البحرة" : بالفتح وسكون المهملة .

                                                                                                                                                                                                                              - "البحيرة" : تصغير ما قبله . [ ص: 287 ]

                                                                                                                                                                                                                              - "البحيرة" : بالفتح والكسر : نقل الزركشي الثلاثة في "الإعلام" عن منتخب كراع ، ونقل غيره الأولين عن معجم ياقوت ، والاستبحار : السعة ، لأنها بمتسع من الأرض ، ولقول سعد بن عبادة : ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة- بالتصغير- على أن يعصبوه بالعصابة ، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شرق بذلك ، ويقال "البحر" أيضا بغير تاء ، ساكن الحاء ، وأصله القرى ، وكل قرية بحرة .

                                                                                                                                                                                                                              - "البلاط" : بفتح الموحدة ، نقل عن [كتاب : ليس] لابن خالويه ، وهو لغة : الحجارة المفروشة [التي تفرش على الأرض ، والأرض المفروش بها ، والمستوية الملساء ، فكأنها] سميت به لكثرته فيها ، أو لاشتمالها على موضع تعرف به .

                                                                                                                                                                                                                              - "البلد" : قال تعالى : لا أقسم بهذا البلد [البلد 1] : قيل : المدينة وقيل : مكة ، ورجحه القاضي ، لكن السورة مكية ، والبلد لغة : صدر القرى . قال الواسطي فيما نقله عن القاضي : "أي يحلف لك ربك بهذا البلد الذي شرفته بمكانك فيه حيا ، وببركتك ميتا" ، يعني المدينة .

                                                                                                                                                                                                                              - "بلد رسول الله" صلى الله عليه وسلم :

                                                                                                                                                                                                                              روى البزار عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الشياطين قد يئست ، أن تعبد ببلدي" ، هذا يعني المدينة وجزيرة العرب ، "ولكن في التحريش بينهم" .

                                                                                                                                                                                                                              - "بيت رسول الله" صلى الله عليه وسلم : قال تعالى : كما أخرجك ربك من بيتك بالحق : أي : من المدينة ، لاختصاصها به اختصاص البيت بساكنه ، أو المراد : بيته بها .

                                                                                                                                                                                                                              - "تندد" : بمثناة فوقية فنون وإهمال الدالين ، كجعفر .

                                                                                                                                                                                                                              - "تندر" : براء بدل الدال الأخيرة مما قبله كما سيأتي في "يندر" بالتحتية .

                                                                                                                                                                                                                              - "الجابرة" : ذكر في حديث للمدينة عشرة أسماء ، سميت بها لأنها تجبر الكسير ، وتغني الفقير ، وتجبر على الإذعان ، لمطالعة بركاتها وشهود آياتها ، ولأنها جبرت البلاد على الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                              - "جبار" كحذام ، رواه ابن شبة بدل الجابرة في حديثه المذكور .

                                                                                                                                                                                                                              - "الجبارة" : نقل عن التوراة .

                                                                                                                                                                                                                              - "جزيرة العرب" : لقول بعضهم إنها المرادة من الحديث : "أخرجوا المشركين من [ ص: 288 ] جزيرة العرب" ،

                                                                                                                                                                                                                              وفي حديث ابن عباس : "خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة ، فالتفت إليها وقال : "إن الله برأ هذه الجزيرة من الشرك" ، رواه أبو يعلى والبزار والطبراني .

                                                                                                                                                                                                                              - "الجنة الحصينة" : بضم الجيم ، وهي الوقاية ، أخذا من

                                                                                                                                                                                                                              قوله صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد : "أنا في جنة حصينة" -

                                                                                                                                                                                                                              يعني المدينة- [ "دعوهم يدخلون نقاتلهم" ] .

                                                                                                                                                                                                                              - "الحبيبة" : لحبه صلى الله عليه وسلم لها ودعائه لها .

                                                                                                                                                                                                                              - "الحرم" : بالفتح بمعنى الحرام لتحريمها ، وفي الحديث : "المدينة حرم" ، وفي رواية أنها : "حرم آمن" .

                                                                                                                                                                                                                              - "حرم رسول الله" : صلى الله عليه وسلم؛ لأنه الذي حرمها ، وفي الحديث : "من أخاف أهل حرمي أخافه الله" ، وفي حديث آخر : حرم إبراهيم مكة وحرمي المدينة" ، رواه الطبراني .

                                                                                                                                                                                                                              - "حسنة" : بلفظ مقابل السيئة ، وقال تعالى : لنبوئنهم في الدنيا حسنة [النحل 41] أي مباءة حسنة وهي المدينة ، وقيل : هو اسمها لاشتمالها على الحسن الحسي والمعنوي ، نقله الإمام فخر الدين الرازي .

                                                                                                                                                                                                                              - "الخيرة" : بالتشديد .

                                                                                                                                                                                                                              - "الخيرة" : بالتخفيف تقول : امرأة خيرة وخيرة بمعنى كثيرة الخير ، وإذا أردت التفضيل قلت : فلان خير الناس ، وفي الحديث : "والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون" .

                                                                                                                                                                                                                              - "الدار" : لقوله تعالى : والذين تبوءوا الدار والإيمان على ما سبق في الإيمان ، سميت به لأمنها والاستقرار بها ، وجمعها البناء والعرصة .

                                                                                                                                                                                                                              - "دار الأبرار" .

                                                                                                                                                                                                                              - "دار المختار" : لأنها دار المصطفى المختار والمهاجرين والأنصار ، ولأنها تنفي شرارها ، ومن أقام بها منهم فليست في الحقيقة له بدار ، وربما نقل منها بعد الإقبار .

                                                                                                                                                                                                                              "دار الإيمان" :

                                                                                                                                                                                                                              روى الطبراني بسند لا بأس به عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "المدينة قبة الإسلام ودار الإيمان وأرض الهجرة ومبوأ الحلال والحرام" ،

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن أبي هريرة ، والبزار عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها" ،

                                                                                                                                                                                                                              تأرز بفتح أوله وسكون الهمزة وكسر الراء- وقد تضم- [ ص: 289 ] بعدها زاي ، أي أنها كما تخرج في طلب ما تعيش به فإذا راعها شيء رجعت إلى جحرها ، كذلك الإيمان انتشر في المدينة ، فكل مؤمن له من نفسه شائق إلى المدينة ، لمحبته في النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              - "دار السنة" .

                                                                                                                                                                                                                              - "دار السلامة" .

                                                                                                                                                                                                                              - "دار الفتح" : ففي الصحيح قول عبد الرحمن بن عوف لعمر رضي الله عنهما : "حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة" - وفي رواية الكشميهني أحد رواة البخاري- "والسلامة ، وقد فتحت منها مكة وسائر الأمصار ، وإليها هجرة المختار ، ومنها انتشرت السنة في الأقطار .

                                                                                                                                                                                                                              - "الدرع الحصينة" : لحديث أحمد برجال الصحيح : "رأيت كأني في درع حصينة ، فأولت الدرع الحصينة المدينة" .

                                                                                                                                                                                                                              - "ذات الحجر" : بضم الحاء المهملة وفتح الجيم ، لاشتمالها عليها .

                                                                                                                                                                                                                              - "ذات الحرار" : بكسر الحاء وراءين مهملات ، جمع حرة بفتح الحاء ، وهي الحجارة السود ، لكثرتها بها .

                                                                                                                                                                                                                              - "ذات النخل" : لوصفها بذلك ولما قبله في خبر خنافر مع رئيه ، وفي سجع عمران بن عامر : فليلحق بيثرب ذات النخل ، وفي الحديث : "أريت دار هجرتي ذات نخل وحرة" .

                                                                                                                                                                                                                              - "السلقة" : ذكره أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أمين الأقشهري في أسمائها المنقولة عن التوراة ، وهو محتمل ، والسلقة بفتح اللام وكسرها ، إذ السلق بالتحريك : القاع الصفصف ، والسلاق : البليغ ، وربما قيل للمرأة السليطة سلقة بالكسر ، وسلقت البيض سلقا : أغليته بالنار . فسميت المدينة به لاتساعها وتباعد جبالها ، أو لتسلطها على البلاد فتحا ، أو للأوائها وشدة حرها وما كان بها من الحمى .

                                                                                                                                                                                                                              - "الشافية" : لحديث : "ترابها شفاء من كل داء" ، ولما صح في غبارها . وذكر ابن مسدي : الاستشفاء من الحمى بكتابة أسمائها وتعليقها على المحموم ، وسيأتي أنها تنفي الذنوب فتشفي من دائها . [ ص: 290 ]

                                                                                                                                                                                                                              - "طابة" : كشامة ، روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن الله تعالى سمى المدينة طابة" .

                                                                                                                                                                                                                              - "طيبة" : بسكون المثناة التحتية ، كهيبة وعيبة .

                                                                                                                                                                                                                              - "طيبة" : بتشديد المثناة التحتية .

                                                                                                                                                                                                                              - "طائب" : ككاتب ، وهذه الأربعة مع اسمها المطيبة أخوات لفظا ومعنى ، مختلفات صيغة ومبنى . وفي الحديث : "للمدينة عشرة أسماء هي المدينة وطيبة وطابة" ، وعن وهب بن منبه : "إن اسمها في كتاب الله- يعني التوراة- طيبة وطابة" . ونقل عن التوراة أيضا تسميتها بالطيبة وكذلك المطيبة . وتسميتها بهذه الأسماء إما من الطيب بتشديد المثناة وهو الطاهر ، لطهارتها من أدناس الشرك ، أو لحلول الطيب بها صلى الله عليه وسلم ، أو لكونها كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها . قال الإشبيلي : "لتربة المدينة نفحة ليس طيبها كما عهد من الطيب ، بل هو أعجب من الأعاجيب" . قال بعض أهل العلم : "وفي طيب ترابها وهوائها دليل شاهد على صحة هذه التسمية ، لأن من أقام بها يجد من تربتها وحيطانها رائحة طيبة لا تكاد توجد في غيرها" .

                                                                                                                                                                                                                              - "طبابا" : ذكره ياقوت ، وهو بكسر المهملة ، يعني القطعة المستطيلة من الأرض ، أو بفتح المعجمة ظبابا من ظب ، وظبظب إذا حم ، لما كان بها من الحمى .

                                                                                                                                                                                                                              "العاصمة" : لعصمتها للمهاجرين من المشركين ، ولأنها الدرع الحصينة ، أو هي بمعنى المعصومة ، فلا يدخلها الدجال ولا الطاعون ، ومن أرادها بسوء أذابه الله .

                                                                                                                                                                                                                              - "العذراء" : بالمهملة فالمعجمة ، نقل عن التوراة ، لصعوبتها وامتناعها على الأعداء ، حتى تسلمها مالكها الحقيقي سيد الأنام صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              - "العراء" : بإهمال أوله وثانيه ، قال أئمة اللغة : العراء : الجارية العذراء ، كأنها شبهت بالناقة العراء التي لا سنام لها ، أو صغر سنامها كصغر نهد العذراء ، فيجوز أن تكون تسمية المدينة بذلك لعدم ارتفاع أبنيتها في السماء .

                                                                                                                                                                                                                              - "العروض" : بعين مهملة فراء فواو فضاد معجمة كصبور ، وقيل : هو اسم لها ولما حولها لانخفاض مواضع منها ، ومسايل أودية فيها ، أو لأنها من نجد على خط مستقيم طولا ، والمدينة معترضة عنها ناحية .

                                                                                                                                                                                                                              - "الغراء" : بالغين المعجمة تأنيث الأغر : ذي الغرة والبياض في مقدم الوجه ، والغرة أيضا خيار كل شيء ، وغرة الإنسان : وجهه ، والأغر : الأبيض من كل شيء ، والذي أخذت اللحية جميع [ ص: 291 ] وجهه إلا القليل ، والرجل الكريم ، واليوم الشديد الحر . والغراء : نبت طيب الرائحة ، والسيدة الكبيرة . فسميت المدينة بذلك لأنها سادت على القرى ، وطاب ريحها في الورى ، وأكرم أهلها وكثر غرسها وابيض نورها وسطع ضياؤها .

                                                                                                                                                                                                                              - "غلبة" : محركة بمعنى الغلب ، لظهورها على البلاد ، وكانت في الجاهلية تدعى "غلبة" : نزلت يهود بها على العماليق فغلبتهم عليها ، ونزلت الأوس والخزرج على يهود فغلبوهم عليها ، ونزل المهاجرون على الأوس والخزرج فغلبوهم عليها ، ونزل الأعاجم على المهاجرين فغلبوهم عليها .

                                                                                                                                                                                                                              - "الفاضحة" : بالفاء وضاد معجمة وحاء مهملة ، نقل عن كراع : إذ لا يضمر بها أحد عقيدة فاسدة أو يبطن أمرا إلا ظهر عليه وافتضح به ، وهو معنى كونها تنفي خبثها .

                                                                                                                                                                                                                              - "القاصمة" : بقاف وصاد مهملة . نقل عن التوراة ، لقصمها كل جبار عناها ، وكسر كل متمرد أتاها ، ومن أرادها بسوء أذابه الله .

                                                                                                                                                                                                                              - "قبة الإسلام" : لحديث "المدينة قبة الإسلام" .

                                                                                                                                                                                                                              - "قرية الأنصار" : وتقدم الكلام على الأنصار .

                                                                                                                                                                                                                              - "قرية رسول الله" صلى الله عليه وسلم ، لحديث الطبراني برجال ثقات : "ثم يسير- يعني الدجال- حتى يأتي المدينة ولا يؤذن له فيها فيقول : هذه قرية ذاك الرجل" ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              - "قلب الإيمان" : أورده ابن الجوزي في حديث : "المدينة قبة الإسلام" .

                                                                                                                                                                                                                              - "المؤمنة" : لتصديقها بالله تعالى حقيقة ، لخلقه قابلية ذلك فيها كما في تسبيح الحصى ، أو مجازا لاتصاف أهلها بالإيمان ، وانتشاره منها ، واشتمالها على أوصاف المؤمن ، أو لإدخالها أهلها في الأمن من الأعداء والطاعون والدجال . وقد روي في حديث : "والذي نفسي بيده إن تربتها لمؤمنة" ، وروي في آخر : "إنها لمكتوبة في التوراة مؤمنة" .

                                                                                                                                                                                                                              - "المباركة" : لأن الله تعالى بارك فيها بدعائه صلى الله عليه وسلم وحلوله بها .

                                                                                                                                                                                                                              - "مبوأ الحلال والحرام : رواه الطبراني في حديث : "المدينة قبة الإسلام" ، والتبوء : التمكن والاستقرار ، سميت به لأنها محل تمكن هذين الحكمين واستقرارهما .

                                                                                                                                                                                                                              - "مبين الحلال والحرام" : رواه ابن الجوزي وغيره بدل الذي قبله في الحديث المتقدم لأنها محل بيانهما . [ ص: 292 ]

                                                                                                                                                                                                                              - "المجبورة" : ذكر في الحديث : "للمدينة عشرة أسماء" ، ونقل عن الكتب المتقدمة ، سميت به لجبرها بخلاصة الوجود حيا وميتا ، لحثه على سكناها ، بعد نقل حماها وتكرر دعائه لها .

                                                                                                                                                                                                                              - "المحبة" : بضم الميم وبالحاء المهملة وتشديد الموحدة ، نقل عن الكتب المتقدمة .

                                                                                                                                                                                                                              - "المحببة" : بزيادة موحدة على ما قبله .

                                                                                                                                                                                                                              - "المحبوبة" : نقل عن الكتب المتقدمة أيضا ، وهذه ثلاثة مع ما تقدم من اسمها الحبيبة من مادة واحدة ، وحبه صلى الله عليه وسلم لها ودعاؤه به معلوم ، وحبه تابع لحب ربه .

                                                                                                                                                                                                                              - "المحبورة" : من الحبر وهو السرور ، أو من الحبرة بمعنى النعمة أو المبالغة فيما وصف بجميل ، والمحبار من الأرض : السريعة النبات الكثيرة الخيرات .

                                                                                                                                                                                                                              - "المحرمة" : لتحريمها .

                                                                                                                                                                                                                              - "المحروسة" : لحديث : "المدينة مشتبكة بالملائكة ، على كل نقب منها ملك يحرسها" ، رواه الجندي .

                                                                                                                                                                                                                              - "المحفوفة" : لأنها حفت بالبركات وملائكة السماوات ، وفي خبر : "تأتي مكة والمدينة محفوفتان بالملائكة" .

                                                                                                                                                                                                                              - "المحفوظة" : لحفظها من الطاعون والدجال وغيرهما ، وفي خبر : "القرى المحفوظة أربع" ، وذكر المدينة منها .

                                                                                                                                                                                                                              - "المختارة" : لأن الله تعالى اختارها للمختار من خلقه في حياته ومماته .

                                                                                                                                                                                                                              - "مدخل صدق" : قال الله تعالى : وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا [الإسراء 80] فمدخل صدق : المدينة كما تقدم .

                                                                                                                                                                                                                              - "المدينة" : لتكرره في القرآن ، ونقل عن التوراة ، والمدينة من مدن بالمكان : أقام به ، أو من دان : إذا أطاع ، إذ يطاع السلطان بالمدينة لسكناه بها ، وهي أبيات كثيرة تجاوز حد القرى ولم تبلغ حد الأمصار ، وقيل : يقال لكل مصر ، وتطلق على أماكن كثيرة ، ومع ذلك فهو علم للمدينة النبوية ، بحيث إذا أطلق لا يتبادر الفهم إلى غيرها ، ولا يستعمل فيها إلا المعرفة ، أما [ ص: 293 ] النكرة فاسم لكل مدينة ، ونسبوا للكل مديني ، وللمدينة النبوية مدني للفرق .

                                                                                                                                                                                                                              - "مدينة رسول الله" : صلى الله عليه وسلم ،

                                                                                                                                                                                                                              لقوله في حديث الطبراني : "من أحدث في مدينتي هذه حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا" ،

                                                                                                                                                                                                                              فأضافها إليه لسكناه بها ، وله ولخلفائه دانت الأمم .

                                                                                                                                                                                                                              - "المرحومة" : نقل عن التوراة ، سميت به لأنها دار المبعوث رحمة للعالمين ، وبها تنزل الرحمات .

                                                                                                                                                                                                                              - "المرزوقة" : لأن الله تعالى رزقها أفضل الخلق فسكنها ، أو المرزوق أهلها ، ففي الحديث : "لا يخرج أحد منها إلا أبدلها الله خيرا منه" .

                                                                                                                                                                                                                              - "مسجد الأقصى" : نقله ابن الملقن في "الإشارات" عن صاحب "المطالع" .

                                                                                                                                                                                                                              - "المسكينة" : نقل عن التوراة ، وذكر في حديث : "للمدينة عشرة أسماء" ، وروى الزبير بن بكار عن كعب الأحبار قال : "نجد في كتاب الله تعالى الذي أنزل على موسى أن الله قال للمدينة : يا طيبة يا طابة يا مسكينة لا تقبلي الكنوز ، أرفع أجاجيرك على أجاجير القرى ، والأجاجير : السطوح ، والمسكنة : الخضوع والخشوع خلقه الله فيها ، أو هي مسكن الخاشعين والخاضعين .

                                                                                                                                                                                                                              - "المسلمة" : كالمؤمنة ، لخلق الله تعالى فيها الانقياد والانقطاع له ، أو لانقياد أهلها وفتح بلدهم بالقرآن .

                                                                                                                                                                                                                              - "مضجع رسول الله" : صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                              كما في الحديث : "المدينة مهاجري ومضجعي في الأرض" .

                                                                                                                                                                                                                              - "المطيبة" : بضم أوله وفتح ثانيه ، تقدم في طيبة .

                                                                                                                                                                                                                              - "المقدسة" : لتنزهها عن الشرك وكونها تنفي الذنوب .

                                                                                                                                                                                                                              - "المقر" : بالقاف كالممر ، من القرار ، نقله السيد من بعض كتب اللغة ،

                                                                                                                                                                                                                              وفي دعائه صلى الله عليه وسلم لها قوله : "اللهم اجعل لنا بها قرارا ورزقا حسنا" .

                                                                                                                                                                                                                              - "المكتان" : قال سعد بن أبي السرح في حصار عثمان رضي الله عنه : "وأنصارنا بالمكتين قليل" . وقال نصر بن حجاج بعد نفيه من المدينة :


                                                                                                                                                                                                                              فأصبحت منفيا على غير ريبة وقد كان لي بالمكتين مقام

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 294 ] قال السيد : "والظاهر أن المراد المدينة؛ لأن قصة عثمان ونصر بن حجاج كانتا بها ، وأطلق ذلك عليها لانتقال أهل مكة أو غالبهم إليها وانضمامهم إلى أهلها" . أو أنه من قبيل التغليب ، والمراد مكة والمدينة . - "المكينة" : لتمكنها في المكانة والمنزلة عند الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                              - "مهاجر رسول الله" : صلى الله عليه وسلم لقوله "المدينة مهاجري" .

                                                                                                                                                                                                                              - "الموفية" : بتشديد الفاء وتخفيفها ، لتوفيتها الوافدين حسا ومعنى ، وأهلها الموفون بما عاهدوا الله عليه .

                                                                                                                                                                                                                              - "الناجية" : بالجيم ، لنجاتها من العتاة والطاعون والدجال ، أو لإسراعها في الخيرات ، فحازت أشرف المخلوقات ، ولارتفاع شأنها .

                                                                                                                                                                                                                              - "نبلاء" : نقل من كراع ، قال السيد : وأظنه بفتح النون وسكون الموحدة ، مأخوذ من النبل بالضم والسكون ، وهو الفضل والنجابة .

                                                                                                                                                                                                                              - "النحر" : بفتح النون وسكون الحاء المهملة ، سميت به إما لشدة حرها كما يقال نحر الظهيرة ، وإما لإطلاق النحر على الأصل ، وهما أساس بلاد الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                              - "الهذراء" : ذكره ابن النجار بدل العذراء نقلا عن التوراة ، روي بالذال المعجمة ، وذلك لشدة حرها ، يقال : يوم هاذر شديد الحر ، أو لكثرة مياهها وأصوات سوانيها ، ويقال هذر في كلامه إذا أكثر ، ويحتمل أن يكون بالمهملة من هدر الحمام : إذا صوت ، والماء : انصب وانهمر ، والعشب : طال ، وأرض هادرة : كثيرة النبات .

                                                                                                                                                                                                                              - "يثرب" : لغة في أثرب ، وقد تقدم الكلام عليه فيه ، وستأتي أحاديث النهي عن تسميتها بذلك .

                                                                                                                                                                                                                              - "يندد" : بدالين مهملتين ، ذكره كراع ، وهو إما من الند وهو الطيب المعروف ، أو الند : التل المرتفع ، أو من الناد : وهو الرزق .

                                                                                                                                                                                                                              - "يندر" : كحيدر براء بدل الدال الثانية مما قبله ، كذا في حديث : "للمدينة عشرة أسماء" في بعض الكتب ، وفي بعضها الآخر بمثناة فوقية ودالين : تندد ، وفي بعضها كذلك بفوقية ودال وراء : تندر ، وصوب المجد اللغوي "يندد" فقط بالتحتية ودالين ، وفيه نظر .

                                                                                                                                                                                                                              والحديث رواه ابن زبالة إلا أنه سردها تسعة ، ورواه ابن شبة وسردها ثمانية فحذف منه الدار ، ثم روي من طريقه أيضا عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب تسميتها بالدار والإيمان ثم قال :

                                                                                                                                                                                                                              " [وجاء في الحديث الأول ثمانية أسماء وجاء في هذا الحديث اسمان] فالله أعلم أهما تمام [ ص: 295 ]

                                                                                                                                                                                                                              العشرة أم لا" . ورواه ابن زبالة كذلك ، إلا أنه سرد تسعة فزاد اسم "الدار" وأسقط العاشر ، ونقل ابن زبالة أن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال : بلغني أن للمدينة في التوراة أربعين اسما ، انتهى ما ذكره السيد رحمه الله مع زيادات فيه .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الزبير بن بكار عن القاسم بن محمد قال : بلغني أن للمدينة أربعين اسما .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "للمدينة عشرة أسماء هي : المدينة وطيبة وطابة ومسكينة وجابرة ومجبورة ويندد ويثرب والدار" .

                                                                                                                                                                                                                              وروي أيضا عن إبراهيم بن الحسن قال : "للمدينة في التوراة أحد عشر اسما : المدينة وطيبة وطابة والمسكينة والجابرة والمجبورة والمرحومة والعذراء والمحبوبة والقاصمة . [ ص: 296 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية