الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            التضحية بمعيبة الأذن

                                                                                                                                            فصل : وقد روي في النواهي غير حديث البراء ، فروى الشافعي عن سفيان عن أبي إسحاق الهمذاني ، عن شريح بن النعمان ، عن علي عليه السلام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : لا يضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقا ولا خرقا .

                                                                                                                                            فأما المقابلة : فهي التي قطع من مقدم أذنها شيء .

                                                                                                                                            وأما المدابرة : فهي التي قطع من مؤخر أذنها شيء .

                                                                                                                                            وأما الشرقاء : فالمشقوقة الأذن بالطول .

                                                                                                                                            وأما الخرقاء : فالتي في أذنها ثقب مستدبر ، وإن كان هذا قد أذهب من الأذن شيئا لم يجزئ في الضحايا : لأنه قد أفسد منها عضوا ، وإن لم يذهب من أذنها شيئا لاتصال المقطوع بها كرهت للنهي وإن أجزأت .

                                                                                                                                            وقال بعض أصحابنا : لا يجزئ مع اتصال المقطوع بها : لأنه بالقطع قد فسد ، وإن كان متصلا ، فصار في حكم المنفصل ، فصار نقص الأذن على ثلاثة أضرب :

                                                                                                                                            أحدها : ما منع من جواز الأضحية ، وهو ما أذهب بعضها .

                                                                                                                                            والثاني : ما لم يمنع منها ، وهو ما لم يذهب شيئا منها .

                                                                                                                                            والثالث : ما اختلف فيه ، وهو ما قطع فاتصل ، ولم ينفصل .

                                                                                                                                            وقيل : لا يمنع من الأضحية ، وإن قطع جميعها : لأن الأذن غير مأكول .

                                                                                                                                            [ ص: 83 ] وقال سعيد بن المسيب ، والحسن البصري : إن قطع أقل من النصف أجزأت ، وإن قطع النصف ، فما زاد لم تجز ، وهذا مخالف لنص الخبر ، وقد روى علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم : نهى عن الأضحية بالجدعاء وهي المقطوعة الأذن ، وقال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشف العين والأذن أي نكشف ، وروي " نستشرف " أي نطالع وننظر ، ولأن الأذن عضو ، فوجب أن يكون قطعه مؤثرا إذا لم يكن مستخلفا كسائر الأعضاء ، فأما التي خلقت لا أذن لها . قال الشافعي في الجديد : لا تجوز الأضحية بها لأنه نقص عضو من خلقتها ، وقد روى حرملة عن الشافعي في صفات الأذن الصمعاء والمصعاء والعرقاء ، والقصواء ، فالصمعاء الصغيرة الأذن ، والمصعاء الممايلة الأذن لكبرها ، والعرقاء المرتفعة الأذن إلى قرنها ، والقصواء المقطوعة الأذن بالعرض ، فيجوز الأضحية بجميعها إلا بالقصواء لنقص الأذن فيها وسلامتها في غيرها .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية