الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (21) قوله تعالى : وإذا أذقنا : شرطية جوابها " إذا " الفجائية في قوله : إذا لهم مكر ، والعامل في " إذا " الفجائية الاستقرار الذي في " لهم " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 167 ] وقد تقدم لك خلاف في " إذا " هذه : هل هي حرف أو ظرف زمان على بابها أو ظرف مكان ؟ وقال أبو البقاء : " وقيل : " إذا " الثانية زمانية أيضا ، والثانية وما بعدها جواب الأولى " . وهذا الذي حكاه قول ساقط لا يفهم معناه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله : في آياتنا متعلق بـ " مكر " جعل الآيات محلا للمكر والمبالغة ، ويضعف أن يكون الجار صفة لـ " مكر " . وقوله : " مكرا " نصب على التمييز . وهو واجب النصب ، لأنك لو صغت من " أفعل " فعلا وأسندته إلى تمييزه فاعلا لصح أن يقال : " سرع مكره " وأيضا فإن شرط جواز الخفض صدق التمييز على موصوف أفعل التفضيل نحو : " زيد أحسن فقيه " . و " أسرع " مأخوذ من سرع ثلاثيا ، حكاه الفارسي . وقيل : بل من أسرع ، وفي بناء أفعل وفعلي التعجب من أفعل ثلاثة مذاهب : الجواز مطلقا ، المنع مطلقا ، التفضيل : بين أن تكون الهمزة للتعدية فيمتنع ، أو لا فيجوز ، وتحريرها في كتب النحاة . وقال بعضهم : " أسرع هنا ليست للتفضيل " وهذا ليس بشيء إذ السياق يرده . وجعله ابن عطية : - أعني كون أسرع للتفضيل - نظير قوله : " لهي أسود من القار " قال الشيخ : " وأما تنظيره " أسود من القار " بـ " أسرع " ففاسد لأن " أسود " ليس فعله على وزن أفعل ، وإنما هو على وزن فعل [ ص: 168 ] نحو : سود فهو أسود ، ولم يمتنع التعجب ولا بناء أفعل التفضيل عند البصريين من نحو سود وحمر وأدم إلا لكونه لونا . وقد أجاز ذلك بعض الكوفيين في الألوان مطلقا ، وبعضهم في السواد والبياض فقط " ، قلت : تنظيره به ليس بفاسد ، لأن مراده بناء أفعل مما زاد على ثلاثة أحرف وإن لم يكن على وزن أفعل ، وسود وإن كان على ثلاثة لكنه في معنى الزائد على ثلاثة ، هو في معنى أسود ، وحمر في معنى أحمر ، نص على ذلك النحويون ، وجعلوه هو العلة المانعة من التعجب في الألوان .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الحسن وقتادة ومجاهد والأعرج ونافع في رواية : " يمكرون " بياء الغيبة جريا على ما سبق . والباقون بالخطاب مبالغة في الإعلام بمكرهم والتفاتا لقوله : " قل الله " ، إذ التقدير : قل لهم ، فناسب الخطاب . وفي قوله : " إن رسلنا " التفات أيضا ، إذ لو جرى على قوله : " قل الله " ، لقيل : إن رسله .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية