الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 217 ] آ . (51) قوله تعالى : أثم : قد تقدم خلاف الزمخشري للجمهور في ذلك ، حيث يقدر جملة بين همزة الاستفهام وحرف العطف . و " ثم " حرف عطف ، وقد قال الطبري ما لا يوافق عليه فقال : " وأثم هذه بضم الثاء ليست التي بمعنى العطف ، وإنما هي بمعنى هنالك " فإن كان قصد تفسير المعنى وهو بعيد فقد أبهم في قوله ، لأن هذا المعنى لا يعرف في " ثم " بضم الثاء ، إلا أنه قد قرأ طلحة بن مصرف " أثم " بفتح الثاء ، وحينئذ يصح تفسيرها بمعنى هنالك .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : آلآن قد تقدم الكلام في " الآن " . وقرأ الجمهور " ألآن " بهمزة استفهام داخلة على " الآن " وقد تقدم مذاهب القراء في ذلك . و " الآن " نصب بمضمر تقديره : الآن آمنتم . ودل على هذا الفعل المقدر الفعل الذي تقدمه وهو قوله : أثم إذا ما وقع آمنتم به . ولا يجوز أن يعمل فيه " آمنتم " الظاهر ؛ لأن ما قبل الاستفهام لا يعمل فيما بعده ، كما أن ما بعده لا يعمل فيما قبله لأن له صدر الكلام ، وهذا الفعل المقدر ومعموله على إضمار قول أي : قيل لهم إذ آمنوا بعد وقوع العذاب : آمنتم الآن به .

                                                                                                                                                                                                                                      والقراءة بالاستفهام هي قراءة العامة ، وقد عرفت تخريجها . وقرأ عيسى وطلحة " آمنتم به الآن " بوصل الهمزة من غير استفهام ، وعلى هذه القراءة فـ " الآن " منصوب بـ " آمنتم " هذا الظاهر .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : وقد كنتم جملة حالية . قال الزمخشري : وقد كنتم به [ ص: 218 ] تستعجلون يعني تكذبون ، لأن استعجالهم كان على جهة التكذيب والإنكار " . قلت : فجعله من باب الكناية لأنه دلالة على الشيء بلازمه نحو " هو طويل النجاد " كنيت به عن طول قامته ؛ لأن طول نجاده لازم لطول قامته وهو باب بليغ .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية