الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (88) قوله تعالى : ليضلوا : في هذه اللام ثلاثة أوجه ، أحدها : أنها لام العلة ، والمعنى : أنك أتيتهم ما أتيتهم على سبيل الاستدراج فكان الإيتاء لهذه العلة . والثاني : أنها لام الصيرورة والعاقبة كقوله : فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا . وقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      2622 - لدوا للموت وابنوا للخراب ... ... ... ...



                                                                                                                                                                                                                                      وقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      2623 - فللموت تغذو الوالدات سخالها     كما لخراب الدور تبنى المساكن

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 260 ] وقوله :

                                                                                                                                                                                                                                      2624 - وللمنايا تربي كل مرضعة     وللخراب يجد الناس عمرانا

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث : أنها للدعاء عليهم بذلك ، كأنه قال : ليثبتوا على ما هم عليه من الضلال وليكونوا ضلالا ، وإليه ذهب الحسن البصري وبدأ به الزمخشري . وقد استبعد هذا التأويل بقراءة الكوفيين " ليضلوا " بضم الياء فإنه يبعد أن يدعو عليهم بأن يضلوا غيرهم ، وقرأ الباقون بفتحها ، وقرأ الشعبي بكسرها ، فوالى بين ثلاث كسرات إحداها في ياء . وقرأ [أبو] الفضل الرياشي " أإنك أتيت " على الاستفهام . وقال الجبائي : إن " لا " مقدرة بين اللام والفعل تقديره : لئلا يضلوا " ، ورأي البصريين في مثل هذا تقدير " كراهة " أي : كراهة أن يضلوا .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله : فلا يؤمنوا يحتمل النصب والجزم ، فالنصب من وجهين ، أحدهما : عطفه على " ليضلوا " . والثاني : نصبه على جواب الدعاء في قوله " اطمس " . والجزم على أن " لا " للدعاء كقولك : " لا تعذبني يا رب " وهو قريب من معنى " ليضلوا " " في كونه دعاء ، هذا في جانب شبه النهي ، وذلك في جانب شبه الأمر ، و " حتى يروا " غاية لنفي إيمانهم ، والأول قول الأخفش ، [ ص: 261 ] والثاني بدأ به الزمخشري ، والثالث قول الكسائي والفراء ، وأنشد قول الشاعر :


                                                                                                                                                                                                                                      2625 - فلا ينبسط من بين عينك ما انزوى     ولا تلقني إلا وأنفك راغم

                                                                                                                                                                                                                                      وعلى القول بأنه معطوف على " ليضلوا " يكون ما بينهما اعتراضا .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية