الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (9) قوله تعالى : أرضا : فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أن تكون منصوبة على إسقاط الخافض تخفيفا أي : في أرض كقوله تعالى : لأقعدن لهم صراطك ، وقوله :


                                                                                                                                                                                                                                      2741 - ... ... ... ...

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 444 ] .... كما عسل الطريق الثعلب

                                                                                                                                                                                                                                      وإليه ذهب الحوفي وابن عطية . والثاني : النصب على الظرفية . قال الزمخشري : " أرضا منكورة مجهولة بعيدة من العمران ، وهو معنى تنكيرها وإخلائها من الناس ، ولإبهامها من هذا الوجه نصبت نصب الظروف المبهمة " . وقد رد ابن عطية هذا الوجه فقال : " وذلك خطأ ؛ لأن الظرف ينبغي أن يكون مبهما ، وهذه ليست كذلك بل هي أرض مقيدة بأنها بعيدة أو قاصية أو نحو ذلك ، فزال بذلك إبهامها ومعلوم أن يوسف لم يخل من الكون في أرض ، فتبين أنهم أرادوا أرضا بعيدة غير التي هو فيها قريب من أبيه " .

                                                                                                                                                                                                                                      واستحسن الشيخ هذا الرد وقال : " وهذا الرد صحيح لو قلت : جلست دارا بعيدة أو مكانا بعيدا لم يصح إلا بواسطة " في " ، ولا يجوز حذفها إلا في ضرورة شعر ، أو مع " دخلت " على الخلاف في " دخلت " أهي لازمة أم متعدية ؟ " .

                                                                                                                                                                                                                                      قلت : وفي الكلامين نظر ؛ إذ الظرف المبهم عبارة عما ليس له حدود تحصره ولا أقطار تحويه ، و " أرضا " في الآية الكريمة من هذا القبيل .

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث : أنها مفعول ثان ، وذلك إن تضمن " اطرحوه " أنزلوه ، وأنزلوه يتعدى لاثنين قال تعالى : أنزلني منزلا مباركا . وتقول : أنزلت زيدا الدار .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 445 ] والطرح : الرمي ، ويعبر به عن الاقتحام في المخاوف . قال عروة بن الورد :


                                                                                                                                                                                                                                      2742 - ومن يك مثلي ذا عيال ومقترا     من المال يطرح نفسه كل مطرح

                                                                                                                                                                                                                                      و " يخل لكم " جواب الأمر ، وفيه الإدغام والإظهار ، وقد تقدم تحقيقهما عند قوله تعالى : يبتغ غير الإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية