الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ . (36) قوله تعالى : قال أحدهما : مستأنف لا محل له ، ولا يجوز أن يكون حالا ؛ لأنهما لم يقولا ذلك حال الدخول . ولا جائز أن تكون مقدرة ؛ لأن الدخول لا يؤول إلى الرؤيا . و " إني " وما في حيزه في محل نصب بالقول .

                                                                                                                                                                                                                                      و " أراني " هنا متعدية لمفعولين عند بعضهم إجراء للحلمية مجرى العلمية ، فتكون الجملة من قوله : " أعصر " في محل المفعول الثاني ، ومن منع كانت عنده في محل الحال . وجرت الحلمية مجرى العلمية أيضا في اتحاد فاعلها ومفعولها ضميرين متصلين ، ومنه الآية الكريمة ؛ فإن الفاعل والمفعول متحدان في المعنى ؛ إذ هما للمتكلم ، وهما ضميران متصلان . ومثله : " رأيتك في المنام قائما " و " زيد رآه قائما " ، ولا يجوز ذلك في غير ما ذكر ، لا تقول : أكرمتني ، ولا أكرمتك ، ولا زيد أكرمه ، فإن أردت ذلك قل : أكرمت نفسي ، أو إياي ونفسك ، أو إياك ونفسه ، أو إياه ، وقد تقدم تحقيق هذا .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا دخلت همزة النقل على هذه الحلمية تعدت لثالث ، وقد تقدم هذا [ ص: 496 ] في قوله تعالى : إذ يريكهم الله في منامك قليلا ، ولو أراكهم كثيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      والخمر : العنب أطلق عليه ذلك مجازا ، لأنه آيل إليه كما يطلق الشيء على الشيء باعتبار ما كان عليه كقوله : وآتوا اليتامى ومجاز هذا أقرب : وقيل : بل الخمر : العنب حقيقة في لغة غسان وأزد عمان . وعن المعتمر : " لقيت أعرابيا حاملا عنبا في وعاء فقلت : ما تحمل ؟ فقال : خمرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وقراءة أبي وعبد الله " أعصر عنبا " لا تدل على الترادف لإرادتها التفسير لا التلاوة ، وهذا كما في مصحف عبد الله " فوق رأسي ثريدا " فإنه أراد التفسير فقط .

                                                                                                                                                                                                                                      و " تأكل الطير " صفة لخبزا . و " فوق " يجوز أن يكون ظرفا للحمل ، وأن يتعلق بمحذوف حالا من " خبزا " لأنه في الأصل صفة له . والضمير في قوله : " نبئنا بتأويله " قال الشيخ : " عائد على ما قصا عليه ، أجري مجرى اسم الإشارة كأنه قيل بتأويل ذلك " وهذا قد سبقه إليه الزمخشري ، وجعله سؤالا وجوابا . وقال غيره : " إنما وحد الضمير لأن كل واحد سأل عن رؤياه ، فكأن كل واحد منهما قال : نبئنا بتأويل ما رأيت .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية