الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3 ]

ثم دخلت سنة ثمان وأربعين وأربعمائة

فمن الحوادث فيها:

أنه في مستهل المحرم عقد عميد الملك [أبو نصر] الكندري وزير طغرلبك على هزارسب بن بكير بن عياض الكردي ضمان البصرة والأهواز ، وأعمال ذلك لهذه السنة بثلاثمائة ألف دينار سلطانية ، وأطلقت يده ، وأذن في ذكر اسمه في الخطبة بالأهواز .

[عقد الجسر من مشرعة الحطابين إلى مشرعة الرواية]

وفي المحرم: ابتدئ بعقد الجسر من مشرعة الحطابين إلى مشرعة الرواية ، زيد في زوارقه لعلو الماء ، فعصفت ريح شديدة ، فقطعت الجسر ، فانحدرت زوارقه إلى الدباغين ، وانحل الطيار المربوط بباب الغربة ، وتكسر سكانه ، وتشعثت آلاته .

وفي هذه السنة: عم ضرر العسكر بنزولهم في دور الناس وارتكابهم المحظورات ، فأمر الخليفة رئيس الرؤساء باستدعاء الكندري ، وأن يخاطبه في ذلك ، ويحذره العقوبة ، فإن اعتمد السلطان ما أوجبه الله تعالى وإلا فليساعدنا في النزوع عن هذه المنكرات ، فكتب رئيس الرؤساء إلى الكندري ، فحضر فشرح له ما جرى ، [فمضى إلى السلطان فشرح له الحال] فقال: إنني غير قادر على تهذيب العساكر لكثرتهم ، ثم استدعاه [ ص: 4 ] في بعض الليل فقال: إني نمت في بعض الليل ، وقد تداخلتني الخشية لله تعالى مما ذكرت لي فنمت فرأيت شخصا وقع في نفسي أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه واقف عند باب الكعبة ، فسلمت عليه فلم يلتفت نحوي ، وقال: يحكمك الله في بلاده وعباده فلا تراقبه فيهم ، ولا تستحي من جلاله ، فامض إلى الديوان وانظر ما يرسمه أمير المؤمنين لأطيع . فأنهى رئيس الرؤساء الحال فخرج التوقيع [متضمنا] للبشارة برؤية سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما وصل إلى السلطان بكى وأمر بإزالة الترك ، وإطلاق من وكل به .

التالي السابق


الخدمات العلمية