الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (9) قوله: والذين تبوءوا : يجوز فيه وجهان، أحدهما: أنه عطف على الفقراء، فيكون مجرورا، ويكون من عطف [ ص: 285 ] المفردات، ويكون "يحبون" حالا. والثاني: أن يكون مبتدأ، خبره "يحبون"، ويكون حينئذ من عطف الجمل.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: والإيمان فيه أوجه، أحدها: أنه ضمن "تبوؤوا" معنى لزموا، فيصح عطف الإيمان عليه; إذ الإيمان لا يتبوأ. والثاني: أنه منصوب بمقدر، أي: واعتقدوا، أو وألفوا، أو وأحبوا. الثالث: أن يتجوز في الإيمان فيجعل لاختلاطه بهم وثباتهم عليه كالمكان المحيط بهم، فكأنهم نزلوه، وعلى هذا فيكون جمع بين الحقيقة والمجاز في كلمة واحدة، وفيه خلاف مشهور. الرابع: أن يكون الأصل: دار الهجرة ودار الإيمان، فأقام لام التعريف في الدار مقام المضاف إليه، وحذف المضاف من دار الإيمان، ووضع المضاف إليه مقامه. الخامس. أن يكون سمى المدينة لأنها دار الهجرة ومكان ظهور الإيمان بالإيمان، قال هذين الوجهين الزمخشري ، وليس فيه إلا قيام أل مقام المضاف إليه، وهو محل نظر، وإنما يعرف الخلاف: هل تقوم أل مقام الضمير المضاف إليه؟ الكوفيون يجيزونه كقوله تعالى: فإن الجنة هي المأوى ، أي: مأواه، والبصريون يمنعونه ويقولون: الضمير محذوف، أي: المأوى له وقد تقدم تحرير هذا. أما كونها عوضا من المضاف إليه فلا نعرف فيه خلافا.

                                                                                                                                                                                                                                      السادس: أنه منصوب على المفعول معه، أي: مع الإيمان معا، قاله ابن عطية، وقال: "وبهذا الاقتران يصح معنى قوله "من قبلهم" [ ص: 286 ] فتأمله"، قلت: وقد شرطوا في المفعول معه أنه يجوز عطفه على ما قبله حتى جعلوا قوله: فأجمعوا أمركم وشركاءكم من باب إضمار الفعل لأنه لا يقال: أجمعت شركائي إنما يقال جمعت، وقد تقدم القول في ذلك - ولله الحمد - مشبعا.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: حاجة مما أوتوا فيه وجهان، أحدهما: أن الحاجة هنا على بابها من الاحتياج، إلا أنها واقعة موقع المحتاج إليه، والمعنى: ولا يجدون طلب محتاج إليه مما أوتي المهاجرون من الفيء وغيره، والمحتاج إليه يسمى حاجة تقول: خذ منه حاجتك، وأعطاه من ماله حاجته، قاله الزمخشري . فعلى هذا يكون الضمير الأول للجائين من بعد المهاجرين، وفي "أوتوا" للمهاجرين. والثاني: أن الحاجة هنا من الحسد، قاله بعضهم، والضميران على ما تقدم قبل. وقال أبو البقاء : مس حاجة، أي: أنه حذف المضاف للعلم به، وعلى هذا فالضميران للذين تبوؤوا الدار والإيمان.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ولو كان بهم واو الحال وقد تقدم الكلام عليها. [ ص: 287 ] والخصاصة: الحاجة، وأصلها من خصاص البيت، وهي فروجه، وحال الفقير يتخللها النقص، فاستعير لها ذلك.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: ومن يوق العامة على سكون الواو وتخفيف القاف من الوقاية. وابن أبي عبلة وأبو حيوة بفتح الواو وشد القاف. والعامة بضم الشين من "شح" وابن أبي عبلة وابن عمر بكسرها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية