الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2 - ذكر ما يدل على الفرق بين الإيمان والإسلام عن سؤال جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم .

2 - أخبرنا محمد بن الحسين بن الحسن ، ومحمد بن يعقوب الشيباني ، قالا : ثنا علي بن الحسن بن أبي عيسى (ح) ، وأنبأ علي بن محمد بن نصر ، وأحمد بن إسحاق بن أيوب ، قالا [ ص: 121 ] : ثنا بشر بن موسى ، قال : أنبأ أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ ، ثنا كهمس بن الحسن ، عن عبد الله بن بريدة ، عن يحيى بن يعمر ، قال : كان أول من قال في القدر معبد الجهني بالبصرة ، قال : فانطلقنا حجاجا أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري فلما قدمنا المدينة قلنا : لو لقينا بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء الناس في القدر فوافقنا عبد الله بن عمر ، وهو في المسجد فاكتنفته أنا ، وصاحبي أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله ، قال يحيى : فظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي ، فقلت : أبا عبد الرحمن إن قبلنا ناسا يقرؤون القرآن ، ويزعمون ألا قدر وإنما الأمر أنف ، قال : فإذا لقيت أولئك ، فأخبرهم أني منهم بريء وأنهم مني براء ، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو كان لأحدهم مثل أحد ذهبا ، فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر كله خيره وشره ، ثم قال : حدثني عمر بن الخطاب قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر لا نرى عليه أثر السفر ، ولا نعرفه حتى جلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبته ووضع كفيه على فخذيه ، ثم قال : يا محمد أخبرني [ ص: 122 ] عن الإسلام ، ما الإسلام ؟ ، قال : " أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " ، قال : صدقت ، قال عمر : فعجبنا له يسأله ويصدقه ، فقال : يا محمد أخبرني عن الإيمان ، ما الإيمان ؟ ، قال : " الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره " ، قال : صدقت ، قال : فأخبرني عن الإحسان ، ما الإحسان ؟ ، قال : " أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك " ، فقال : أخبرني عن الساعة ، متى الساعة ؟ ، قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " ، فقال : أخبرني عن أمارتها ، قال : " أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البناء " ، قال : ثم انطلق الرجل ، قال عمر : فلبثت ثلاثا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا عمر أتدري من السائل ؟ " ، قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : " فإنه جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم "

هذا إسناد مجمع على صحته مشهور ، عن يحيى بن يعمر ، وعن ابن بريدة ، وعن كهمس بن الحسن ، ورواه عن يحيى بن يعمر سليمان التيمي ورواه عن عبد الله بن بريدة مطر بن طهمان الوراق ، وعثمان بن غياث البصري ، وعبد الله بن عطاء ، وعبيد الله بن العيزار . ورواه عن كهمس عبد الله بن [ ص: 123 ] المبارك ، ووكيع ، ومعاذ بن معاذ العنبري ، والنضر بن شميل ، ويزيد بن زريع ، والمعتمر بن سليمان ، وحسن بن حسين الأسواري ، ومحمد بن جعفر ، ومحمد بن إبراهيم ، وابن غندر ، ويزيد بن هارون ، وعبد الوهاب ، والمقرئ ، والشعبي ، وأبو عاصم ، وعثمان بن عمر ، وكلهم مقبولة .

التالي السابق


الخدمات العلمية