الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 213 ] ( فإن تزوج أخت أمة له قد وطئها صح النكاح ) لصدوره من أهله مضافا إلى محله ( و ) إذا جاز ( لا يطأ الأمة [ ص: 214 ] وإن كان لم يطأ المنكوحة ) لأن المنكوحة موطوءة حكما ، ولا يطأ المنكوحة للجمع إلا إذا حرم الموطوءة على نفسه لسبب من الأسباب فحينئذ يطأ المنكوحة لعدم الجمع ، ويطأ المنكوحة إن لم يكن وطئ المملوكة لعدم الجمع وطئا إذ المرقوقة ليست موطوءة حكما .

التالي السابق


( قوله فإن تزوج أخت أمة له قد وطئها صح النكاح ) خلافا لبعض المالكية . وجه قولهم أن المنكوحة موطوءة حكما باعترافكم فيصير بالنكاح جامعا وطئا حكما وهو باطل باعترافكم لأنكم عللتم عدم جواز وطء الأمة وإن لم يكن وطئ المنكوحة بلزوم الجمع وطئا حكما ، وقد قلتم إن حكم وطء الأمة السابق قائم حتى استحب له لو أراد بيعها أن يستبرئها ، وما قيل حالة صدور العقد لا يكون جامعا وطئا بل بعد تمامه ، فإن ذلك حكمه فيتعقبه ليس بدافع ، فإن صدوره من أهله مضافا إلى محله وإن كان ليس جمعا في نفسه لكنه يستلزمه حيث كان هو حكمه ، وهو لازم باطل شرعا وملزوم الباطل باطل فالعقد باطل ، وقد يوجد في صفحات كلامهم مواضع عللوا المنع فيها بمثله . وقد يجاب بأن هذا اللازم بيده إزالته فليس لازما على وجه اللزوم فلا يضر بالصحة ويمنع من الوطء بعدها لقيامه إذ ذاك ( قوله ولا يطأ الأمة ) الحاصل أنه لا يطأ واحدة منهما بعد العقد حتى يحرم الأمة على نفسه بسبب كبيع الكل أو البعض والهبة مع التسليم والإعتاق أو بالكتابة والتزويج .

وعن أبي يوسف : لا تحل المنكوحة بالكتابة . وعنه : لو ملك فرجها غيره لا تحل المنكوحة حتى تحيض المملوكة حيضة بعد وطئها لاحتمال كونها حاملا منه ، فعلى هذا لو حاضت بعد الوطء قبل التمليك حلت المنكوحة بمجرد التمليك . وجه الظاهر ثبوت الحرمة بالكتابة وهو المقصود ، ومن هنا قال الشافعي ومالك وأحمد : تحل المنكوحة قبل تحريم المرقوقة [ ص: 214 ] بسبب لأن حرمة وطئها قد ثبتت بمجرد العقد فلا حاجة إلى اشتراط التحريم بسبب آخر . وأجيبوا بأن حكم وطء المرقوقة قائم ، حتى لو أراد بيعها استحب له استبراؤها ، فبالوطء يكون جامعا وطئا حكما وإطلاق الآية يمنعه ، هذا كلامهم وهو مصرح بما وعدناه آنفا ، وهذا إذا كان النكاح صحيحا ، بخلاف الفاسد إلا إذا دخل بالمنكوحة فيه فحينئذ تحرم الموطوءة لوجود الجمع حقيقة لأنه وطء معتبر تترتب الأحكام عليه ( قوله لأن المرقوقة ليست موطوءة حكما ) لأن ملك اليمين لم يوضع للوطء بخلاف النكاح ، ولهذا لا يثبت نسب ولدها إلا بدعوى .

[ فرع ]

لو اشترى أختين ليس له وطؤهما ، فإن وطئ إحداهما أو لمسها بشهوة لم يحل له وطء الأخرى حتى يحرم الموطوءة بسبب ، ولو وطئها أثم ثم لا يحل له وطء واحدة منهما حتى يحرم الأخرى بسبب . ولو باع إحداهما أو وهبها أو زوجها ثم ردت إليه المبيعة أو رجع في الهبة أو طلقت المنكوحة وانقضت عدتها لم يحل وطء واحدة منهما حتى يحرم الأخرى بسبب كما كان أولا




الخدمات العلمية