الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 243 ] ( وإن زوج أم ولده وهي حامل منه فالنكاح باطل ) لأنها فراش لمولاها حتى يثبت نسب ولدها منه من غير دعوة ، فلو صح النكاح لحصل الجمع بين الفراشين ، إلا أنه غير متأكد حتى ينتفي الولد بالنفي من غير لعان فلا يعتبر ما لم يتصل به الحمل .

التالي السابق


( قوله فالنكاح باطل ) وذكر الفاسد فيما تقدم ولا فرق بينهما في النكاح بخلاف البيع ( قوله لأنها فراش لمولاها ) لثبوت حد الفراش وهو كون المرأة متعينة لثبوت نسب ولدها من الرجل إذا أتت به ، فلو صح حصل الجمع بين الفراشين وهو سبب الحرمة في المحصنات من النساء ( قوله إلا أنه غير متأكد إلخ ) جواب عما قد يقال : لو كانت فراشا لم يجز تزويجها وهي حائل كما لا يجوز وهي حامل . فأجاب بأن فراشها غير متأكد ، ويتأكد باتصال الحبل بها منه ، فإن الحبل مانع في الجملة ، وكذا الفراش فيقع التأكد باجتماعهما فينتهض سببا للمنع ، بخلاف حالة عدمه واستدل على عدم تأكده بانتفاء نسب ولدها بالنفي من غير لعان ، فظهر أن المانع ليس مطلقا بل المتأكد منه إما بنفسه وهو فراش المنكوحة أو بالحبل .

قالوا : الفرش ثلاثة : قوي وهي المنكوحة فلا ينتفي ولدها إلا باللعان . ومتوسط وهو فراش أم الولد فيثبت نسب ولدها من غير دعوة وينتفي بمجرد النفي . وضعيف لا يثبت نسب الولد منه إلا بدعوة وهو فراش الأمة التي لم يثبت لها أمومية الولد .

والذي يقتضيه كلام صاحب الهداية بصريحه أن الأمة ليست بفراش أصلا على ما ذكره في المسألة [ ص: 244 ] التي تلي هذه ، وعلله بعدم صدق حد الفراش عليها بقوله ( فإنها لو جاءت بولد لا يثبت نسبه من غير دعوة ) فيلزم إما انحصاره في الفراش القوي والضعيف ، وإما اعتبار الفرش الثلاثة في أم الولد والمنكوحة ; فأم الولد الحائل فراش ضعيف فيجوز تزويجها ، والحامل متوسط لنوع من التأكد فيمتنع ، وحكمه انتفاء الولد بمجرد النفي ، والمنكوحة هي الفراش القوي وهو الأوجه . وأورد إذا كان ولدها ينتفي بمجرد النفي ينبغي أن يجوز النكاح ويكون نفيا دلالة ، فإن النسب كما ينتفي بالصريح ينتفي بالدلالة بدليل مسألة الأمة جاءت بأولاد ثلاثة فادعى المولى أكبرهم حيث يثبت نسبه وينتفي نسب غيره بدلالة اقتصاره في الدعوة على بعضهم . أجيب بأن النفي دلالة إنما يعمل إذا لم يكن صريح بخلافه ، وهنا كذلك . إذ صورة المسألة أن الحمل منه حيث قال : رجل زوج أم ولده وهي حامل منه كذا في الظهيرية . وعلى هذا لو زوج أم ولده وهي حامل قبل أن يعترف بالحمل بعد العلم به ينبغي أن يجوز النكاح ويكون نفيا .




الخدمات العلمية