الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 230 ] وكنايته : كأمي أو أنت أمي ; إلا لقصد الكرامة ، أو كظهر أجنبية ونوي فيها في الطلاق فالبتات ، كأنت كفلانة الأجنبية ، إلا أن ينويه مستفت ، [ ص: 231 ] أو كابني ، أو غلامي ، ككل شيء حرمه الكتاب .

[ ص: 230 ]

التالي السابق


[ ص: 230 ] ( وكنايته ) أي الظهار الظاهرة ما سقط منه لظهر أو المحرم أبدا ( ك ) قوله أنت ك ( أمي أو أنت أمي ) بحذف الكاف فيلزمه الظهار في كل حال ( لا لقصد الكرامة ) لزوجته بتشبيهها بأمه في استحقاق التوقير والبر والطاعة فلا يلزمه الظهار ، ومثل قصد الكرامة قصد الأمانة ابن عرفة . سحنون من قال أنت علي كظهر فلانة الأجنبية إن دخلت الدار ثم تزوج فلانة ثم دخل فلا شيء عليه . اللخمي اختلف في هذا الأصل في رعي حالة يوم اليمين أو يوم الحنث والأول أحسن . ابن رشد الأظهر حمله على أنه أراد أنت علي كظهر فلانة اليوم إن دخلت الدار متى دخلها وهو الآتي على قولها في إن كلمت فلانا فكل عبد أملكه حر إنما تلزم يمينه فيما كان له يوم حلف .

( أو ) أنت علي ( كظهر ) امرأة ( أجنبية ونوي ) بضم النون وكسر الواو مشددة أي قبلت نية الزوج ( فيها ) أي الكتابة الظاهرة بقسميها ( في الطلاق ) أي أصله في الفتوى والقضاء ، فإن نواه بها ( فالبتات ) أي الطلاق الثلاث لزمه بها في المدخول بها ، ولو نوى أقل منه ، وفي غير المدخول بها إلا أن ينوي أقل منها . وقال سحنون : تقبل نية الأقل في المدخول بها أيضا واستظهره ابن رشد والأول أصح .

وشبه في لزوم البتات فقال ( ك ) قوله لزوجته ( أنت كفلانة ) بضم الفاء وخفة اللام كناية عن اسم امرأة كهند ( الأجنبية ) من الزوج أي ليست محرمه ولا حليلته فتلزمه الثلاث في المدخول بها وغيرها في كل حال ( إلا أن ينويه ) أي الظهار بقوله : أنت كفلانة الأجنبية زوج ( مستفت ) فيلزمه فقط فيهما ، ومفهوم مستفت لزوم الظهار مع الثلاث في القضاء وهو كذلك ، فإن تزوجها بعد زوج فلا يقربها حتى يكفر فيها إن قال لها أنت علي كفلانة الأجنبية ولم يذكر الظهر فهو البتات . ابن يونس بعض أصحابنا إن جاء مستفتيا وقال : أردت الظهار صدق ، إنما معنى مسألة الكتاب إذا لم تكن له نية [ ص: 231 ] أو شهدت عليه بينة به فقال : أردت الظهار فتطلق عليه ، ثم إن تزوجها لزمه الظهار بما نوى في أول قوله : فظاهره في المدخول بها وغيرها كظاهر المصنف .

( أو ) قوله : أنت علي ( كابني أو غلامي ) ابن يونس ابن القاسم إن قال : أنت علي كظهر أبي أو غلامي فهو مظاهر .

وقاله أصبغ . وقال ابن حبيب لا يلزمه ظهار ولا طلاق وأنه لمنكر من القول ، قال : وإن قال : أنت علي كأبي أو غلامي فهو تحريم . ابن يونس والصواب ما قاله ابن القاسم لأن الأب والغلام محرمان عليه كالأم وأشد ، ولا وجه لقول ابن حبيب لا في أنه لا يلزمه ظهار ولا طلاق ، ولا في أنه ألزمه التحريم إذا لم يسم ذلك لأن من لا يلزمه فيه شيء إذا سمى الظهر لا يلزمه شيء إذا لم يسم الظهر كتشبيه زوجته بزوجة له أخرى أو أمة له ا هـ .

ومن العتبية قال أصبغ : سمعت ابن القاسم يقول في الذي يقول لامرأته أنت علي كظهر أبي أو غلامي أنه ظهار . وقال ابن رشد لو قال كأبي أو غلامي ولم يسم الظهر لم يكن ظهارا عند ابن القاسم حكاه ابن حبيب من رواية أصبغ واختاره ، وقال مطرف لا يكون ظهارا ولا طلاقا وأنه لمنكر من القول . والصواب إن لم يكن ظهارا أن يكون طلاقا وهو ظاهر قول ابن وهب لأنه قال فيه لا ظهار عليه فكأنه رأى عليه الطلاق . ا هـ . فما ذكره المصنف قول ابن القاسم واختاره ابن حبيب وصوبه ابن رشد .

( أو ككل شيء حرمه الكتاب فالبتات ) يلزمه بكل صيغة من هذه الصيغ في المدخول بها كغيرها إلا أن ينوي أقل فيما يظهر ، وظاهر كلام المصنف لزوم البتات ولو نوى الظهار وهو مستفت . البناني ما ذكره من لزوم البتات هو مذهب ابن القاسم وابن نافع .

وفي المدونة قال ربيعة من قال : أنت مثل كل شيء حرمه الكتاب فهو مظاهر . ابن شهاب وكذا بعض ما حرمه الكتاب ا هـ ابن يونس ، هذا قول ابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ . واختلف الشيوخ هل هو خلاف لابن القاسم وإليه ذهب ابن أبي زمنين ، أو وفاق وهو الذي في تهذيب الطالب قائلا قول ربيعة معناه أنها تحرم عليه بالبتات ، ثم إذا [ ص: 232 ] تزوجها بعد كان مظاهرا ، وخصه بالذكر لأنه قد يتوهم أنها إذا حرمت عليه لا يعود عليه الظهار فرجع إلى الوفاق . ابن محرز معنى قول ربيعة أنه حمله على كل شيء حرمه الكتاب من النساء ، ومعنى قول ابن القاسم حمله على عمومه .

قلت ولذا قال بعضهم : لو قال أنت علي حرام مثل من حرمه الكتاب لزمه الظهار ، ولو قال : مثل ما حرمه الكتاب لزمه الطلاق لأن من لم يعقل وما لما لا يعقل كالميتة والخنزير ، وفي كل شيء حرمه الكتاب لزوم الظهار أو الثلاث ثالثها هما . قلت هذا إذا كان القائل يفرقه بين من وما بما ذكر . وفي الزاهي : أنت كعلي كبعض ما حرمه القرآن ظهار وقلت الأحوط لزوم الظهار والبتات . ابن يونس والقياس أنه يلزمه الطلاق ثلاثا والظهار وكأنه قال : أنت علي كأمي والميتة .




الخدمات العلمية