الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 6623 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، حدثنا أبو بكر بن إسحاق ، أخبرنا إسماعيل بن قتيبة ، حدثنا يحيى بن يحيى ، أخبرنا حماد بن زيد - ح .

قال : وأخبرنا أحمد بن يعقوب الثقفي ، حدثنا يوسف بن يعقوب ، حدثنا أبو الربيع ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا ثابت البناني ، عن أبي بردة ، عن الأغر المزني - وكانت له صحبة - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنه ليغان على قلبي ، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة " [ ص: 250 ]

رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى وأبي الربيع .

وروينا في الحديث الثابت عن ابن شهاب الزهري أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن قال : قال أبو هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " والله إني لأستغفر وأتوب في اليوم أكثر من سبعين مرة " .

[ 6624 ] أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال : سمعت عبد الواحد بن محمد يقول : سمعت بندار بن الحسين يقول : استحسنت لأبي بكر بن طاهر قوله في الغين : إن الله أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على ما يكون في أمته من بعده من الخلاف وما يصيبهم فيه ، فكان إذا ذكر ذلك وجد غينا في قلبه ، فاستغفر لأمته .

قال الإمام أحمد : زعم بعض أهل العلم أن الغين شيء يغشى القلب ، فيغطيه [ ص: 251 ] بعض التغطية ، ولا يحجبه عما يشاهده ، وهو كالغيم الرقيق الذي يعرض في الهواء ، فلا يكاد يحجب عن الشمس ، ولا يمنع ضوءها ، والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر أنه يغشى قلبه ما هذه صفته ، وذكر أنه ليستغفر الله في كل يوم مائة مرة .

[ 6625 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، قال : سمعت الأستاذ أبا سهل محمد بن سليمان الحنفي يقول : قوله " ليغان على قلبي " له تأويلان : أحدهما : مختص به أهل الإشارة ، وهو حملهم إياه على غشية السكرة التي هي الصحو في الحقيقة ، ومعنى الاستغفار عقيبها على التخسير للكشف عنها ، وأهل الظاهر يحملونها على الخطرات العارضة للقلب ، الطلبات الواردة عليه ، الشاغلة له بهذه الغشية الملابسة ، ثم يستدركها صلى الله عليه وسلم بالاستغفار والإنابة والرجوع منها إلى ربه عاتبا على قلبه . فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم هذا وصفه فما ظنك بالخليقة المنهمكة في الهلكة ، وبالله العياذ وبه الاعتصام وعليه التوكل .

قال الإمام أحمد : ومن أهل العلم من حمل ذلك على ما يهمه من أمر أمته حين أخبر بما يكون فيهم من الآفات ، والاستغفار الذي كان بعده كان لأمته .

قلت : ومنهم من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نقله من حال إلى حال هو أرفع منه ، فإذا رفع إلى درجة رأى ما نقل عنها تقصيرا في واجب حق الله ، فرأى ذلك غينا يجب له الاستغفار منه .

التالي السابق


الخدمات العلمية