الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ 6728 ] أخبرنا أبو علي الروذباري ، أخبرنا أبو بكر بن داسة ، حدثنا أبو داود ، حدثنا [ ص: 334 ] عبد الله بن محمد النفيلي ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، حدثني رجل [ ص: 335 ] من أهل الشام يقال له : أبو منظور ، عن عمه ، حدثني عمي ، عن عامر الرام أخي الخضر - قال النفيلي : هو الخضر - ولكن كذا قال محمد بن سلمة : أنى لبلادنا إذ رفعت لنا رايات وألوية ، فقلت : ما هذا ؟ قالوا : هذا لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتيته وهو جالس تحت شجرة قد بسط له كساء وهو جالس عليه ، وقد اجتمع إليه أصحابه ، فجلست إليهم ، فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسقام ، فقال : " إن المؤمن إذا أصابه السقم ، ثم أعفاه الله منه ، كان كفارة لما مضى من ذنوبه ، وموعظة له فيما يستقبل ، وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ، ثم أرسلوه فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه " .

فقال رجل ممن حوله : يا رسول الله وما الأسقام ؟ والله ما مرضت قط ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " قم عنا فلست منا " فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل عليه كساء في يده شيء قد التف عليه ، فقال : يا رسول الله! إني لما رأيتك أقبلت فمررت بغيضة شجر فسمعت فيها أصوات فراخ طائر ، فأخذتهن فوضعتهن في كسائي ، فجاءت أمهن فاستدارت على رأسي ، فكشفت لها عنهن ، فوقعت عليهن أمهن ، فلففتهن بكسائي ، فهن أولاء معي ، فقال : " ضعهن عنك " فوضعتهن وأبت أمهن إلا لزومهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أتعجبون لرحمة من أم الأفراخ بفراخها " ؟ [ قالوا : نعم يا رسول الله قال : " فوالذي بعثني بالحق لله عز وجل أرحم بعباده من أم الأفراخ بفراخها ] ارجع بهن حتى تضعهن من حيث أخذتهن ، وأمهن معهن " فرجع بهن .


[ 6729 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، ومحمد بن موسى قالا : حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا أبو غسان ، [ ص: 336 ] حدثني زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر بن الخطاب أنه قال : قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها تبتغي إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألزقته ببطنها ، فأرضعته ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار " . فقلنا : لا ، والله وهي تقدر على أن لا تطرحه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لله تعالى أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها " .

رواه البخاري عن ابن أبي مريم .

ورواه مسلم عن ابن عسكر وغيره عن ابن أبي مريم .

وقد روي عن زيد بن أسلم مرسلا .

[ ص: 337 ] [ 6730 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو عبد الله الصنعاني ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن زيد بن أسلم قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ، فأخذ رجل فرخ طائر ، فجاء الطير فألقى نفسه في حجر الرجل مع فرخه ، فأخذه الرجل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " عجبا لهذا الطائر جاء فألقى نفسه في أيديكم رحمة لولده ، فوالله لله أرحم بعبده المؤمن من هذا الطائر بفرخه " .

وهذا المرسل شاهد لما تقدم .

[ 6731 ] أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ومحمد بن موسى قالا : حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، أخبرنا عبد الله بن أبي بكر ، حدثنا حميد ، عن أنس قال : كان نبي الله صلى الله عليه وسلم في طريق من طرق المدينة وصبي على ظهر الطريق ، فخشيت أمه أن يوطأ الصبي فسعت ، وقالت : ابني ابني فاحتملت ابنها ، فقالوا : يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار! قال : " والله لا يلقي حبيبه في النار " .

التالي السابق


الخدمات العلمية