الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 382 ] والشقص ، والمدبر ، وأم الولد ، وولد عبده من أمته ، وإن بعد يمينه ، [ ص: 383 ] والإنشاء فيمن يملكه ، أو لي ، أو رقيقي ، أو عبيدي ، أو مماليكي

التالي السابق


( و ) إن قال المكلف إن فعلت كذا أو إن لم أفعله فكل من أملكه حر وحنث عتق عليه ( الشقص ) بكسر الشين المعجمة وسكون القاف وإهمال الصاد ، أي الجزء الذي ملكه من رقيق ويقوم عليه باقيه إن كان مليا ( و ) عتق عليه الرقيق ( المدبر ) بضم ففتحتين مثقلا ، أي الذي علق على موته فينجز عليه بحنثه ( وأم الولد ) له فينجز عتقها به ( و ) عتق عليه ( ولد ) أي ابن وبنت ( عبده ) أي الحالف ( من أمته ) أي العبد إن كان مولودا قبل انعقاد يمينه ، بل ( وإن ) ولد ( بعد ) انعقاد ( يمينه ) في التوضيح بناء على أن المضارع ظاهر في الحال .

الشارح والبساطي ظاهر كلامه كانت يمينه على بر أو حنث وهو خلاف ظاهر المدونة . ابن عرفة فيها من قال مملوكي حر في يمين حنث بها أو غيرها عتق عليه عبيده ومدبروه ومكاتبوه وأمهات أولاده وكل شقص له مملوك ، وتقوم عليه بقيته إن كان مليا ويعتق عليه أولاد عبيده من إمائهم ولدوا قبل حنثه أو بعده . وأما عبيد عبيده وأمهات أولادهم فلا يعتقون ويكون ما لهم تبعا . الصقلي عن محمد إنما يعتق ما ولد لعبيده بعد يمينه لأفعلن لا في يمينه لا فعلت ، وإليه رجع ابن القاسم ، وإنما يدخل في يمينه لا فعلت ما كان حملا يوم يمينه . قلت في عتقها الثاني من قال لأمته أنت حرة إن لم أفعل كذا إلى أجل كذا فتلد قبل الأجل فهم بمنزلتها إذا عتقت وليس له بيعها ولا بيع ولدها . ابن رشد هذا هو مشهور من قول الإمام مالك رضي الله تعالى عنه ، وروي عنه أيضا أنهم لا يدخلون وإن كانت على حنث وهو قول المغيرة . وإن كانت يمينه على بر فالقياس أن لا يدخلوا وهو أحد قولي الإمام مالك " رضي الله عنه " ، [ ص: 383 ] واستحسنه علي مرة ، وقال مرة تعتق بغير ولدها ، وإن ضرب لفعله أجلا ففيها الخلاف المتقدم . الصقلي عن القابسي إنما يعتق عليه كل شقص مملوك كان له إن كان له في كل عبد شريك ولو كان عبيد بينه وبين رجل قسموا فما صار للحالف يعتق عليه . الصقلي هذا إنما يجري على قول محمد والكتاب يدل على خلافه ، وعن ابن الكاتب أن قول محمد إنما يجري على قول أشهب في أرض بين رجلين باع أحدهما بعضا منها معينا فإنها تقسم ، فإن وقع المبيع في حظ البائع مضى بيعه ، إن وقع في حظ شريكه نقض ، وأبى ذلك ابن القاسم .

( والإنشاء ) أي تنجيز العتق بالجر عطف على مقدر ، أي وعتق الشقص وما بعده في التعليق أو بالرفع مبتدأ حذف خبره ، أي كالتعليق في عتق ما ذكر ( في ) قوله ( من يملكه ) حر إن فعل كذا أو إن لم يفعله وحنث أو نجزه بلا تعليق ( أو ) قوله مملوك ( لي ) حر كذلك ( أو ) قوله ( رقيقي ) أحرار كذلك ( أو ) قوله ( عبيدي ) أحرار كذلك ( أو ) قوله ( مماليكي ) أحرار كذلك .

( تنبيهات )

الأول : نسخة " غ " والإماء فيمن يملكه ، قال أي وكذا تدخل الإماء في لفظ من أملك وما بعده وفي بعض النسخ والأنثى فيمن أملك والمعنى واحد ، وأما الإنشاء بالنون والشين فهو هنا ضلال مبين على أنه لو سكت عن الإماء لعلمنا دخولهن من قوله وأم الولد ولا مرية أنه عول هنا على قول فضل بدخولهن في لفظ العبيد لتصويبه . اللخمي لقول الله تعالى { وما ربك بظلام للعبيد } ولأنه جمع مكسر ، وقد نقل هذا كله في توضيحه ، اقتصر ابن عرفة على قول ابن يونس ابن سحنون ويدخل في رقيقي الإناث لا في عبيدي . عبق وقد علمت صحة " والإنشاء " ، وكأنه رده من حيث إن عطفه على التعليق يوهم أن التعليق ليس من الإنشاء مع أنه منه ، لكنه مثل ذا يقال فيه ضلال [ ص: 384 ] مبين ، إذ يقال عطف عام على خاص أو يراد بالإنشاء ما قابل التعليق الصوري . طفي الإنشاء نسخة الشارح ، قال وأشار بقوله والإنشاء إلى أن حكم العتق المعلق وغيره فيما ذكر سواء وقد جمعهما في المدونة . ا هـ . وأشار لقولها من قال ، مملوك له حر في غير يمين أو في يمين حنث فيها عتق عليه عبيده إلخ ما تقدم عنها ، وإنما قال " غ " لفظ الإنشاء بالنون والشين ضلال مبين لأن كلام المصنف فيما تشمله اليمين لا في نوع اللفظ الدال على العتق ، لكن مثل هذا لا يقال فيه ضلال مبين لصحة معناه وإن نبا عن المقام فالأولى الإتيان بغير هذه العبارة .

الثاني : عياض " رقيقي " يشمل الذكور والإناث والمذهب أن عبيدي يختص بالذكور . وقال فضل يشملها وصوبه اللخمي لقوله تعالى { وما ربك بظلام للعبيد } وأما مماليكي فالذي رجع إليه سحنون شموله لهما ، وهو مذهب المدونة .

الثالث : البساطي مما ينظر فيه إذا جرى العرف بغلبة لفظ المماليك على البيض والعبيد على السود كما هو عندنا الآن ، وقد اختلف المفتون في وصية أمير لمماليكه ا هـ . تت قد يقال هذا لا يحتاج لنظر ، لأن الفتوى والحكم يدوران مع العرف كما صرح به القرافي وغيره .




الخدمات العلمية