الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وللقاتل الاستحلاف على العفو ، فإن نكل حلف واحدة وبرئ

التالي السابق


( و ) إن ادعى القاتل على الولي أنه عفا عنه وأنكر الولي ولا بينة عليه به ف ( للقاتل الاستحلاف ) أي طلب حلف الولي ( على ) عدم ( العفو ) على المشهور ( فإن ) حلف الولي على عدمه سقطت دعوى القاتل واستمر الولي على حقه ، فإن شاء عفا ، وإن شاء اقتص ، وإن ( نكل ) الولي عن اليمين على عدم عفوه ( ردت ) بضم الراء اليمين على القاتل ( وحلف ) القاتل يمينا ( واحدة ) على عفو الولي عنه لأن الولي إنما كان يحلف واحدة واليمين ترد على نحو ما تتوجه أولا ( و ) إن حلف القاتل على العفو عنه ( برئ ) من القتل ، وإن نكل قتل .

ابن عرفة فيها إن ادعى الجاني عفو ولي استحلفه ، فإن نكل حلف القاتل الصقلي إنما يحلف القاتل يمينا واحدة لأنها التي كانت على المدعى عليه . عياض يقوم منه إلزام [ ص: 86 ] اليمين في الدعوى المجردة ، وفي دعوى المعروف في هبة ثمن المبيع والكراء والإقالة وهو أصل متنازع فيه ، ولهذا لم ير أشهب يمينا في دعوى العفو ، واختلف شيوخنا في التنازع فيه فقيل هو اختلاف قول ، وقيل اختلاف حال ، فلا تلزم اليمين بمجرد الدعوى ، وتلزم مع وجود التهمة . ثم قال ابن عرفة الشيخ لأشهب في الموازية لا يمين على الولي لأن الحلف في الدم إنما هو خمسون يمينا فهذا أراد أن يوجب عليه مع البينة قسامة أو مع القسامة قسامة أخرى ، ولو رضي بيمين واحدة فلا يكون له ذلك ، ألا ترى لو استحلفه فلما قام ليقتله قال عفا عني . قلت هذا يرد تعليل قوله بعدم توجه يمين بمجرد دعوى المعروف .

البناني ما ذكره المصنف نحوه في المدونة وهو مشكل مع قولهم كل دعوى لا تثبت إلا بعدلين فلا يمين بمجردها ، وقد صرح ابن الحاجب بأن العفو لا يثبت إلا بعدلين ، ولم ينبه ابن عرفة على هذا البحث . ابن عاشر والمسناوي قوله فإن نكل إلخ يرد قولهم أن العفو لا يثبت إلا بعدلين ، فإنه قد ثبت هنا بالنكول واليمين . وقالالمتيطي اختلف إذا قام للقاتل شاهد واحد بالعفو ففي الشهادات من مختصر أبي محمد أنه لا تجوز شهادته ، ونحوه لأبي عمران . وقال بعض فقهاء القرويين يحلف مع شاهده ويثبت بشاهد ويمين ، واحتج بمسألة ابن القاسم في ادعاء القاتل العفو . قلت كل هذا قصور من قول عياض يقوم منه إلزام اليمين في الدعوى المجردة ، وهو أصل متنازع فيه إلخ ، والله أعلم




الخدمات العلمية