ومن ذلك:
العوام في غطاء الستر والخواص في دوام التجلي وفي الخبر: إن الله إذا تجلى لشيء خشع له فصاحب الستر بوصف شهوده وصاحب التجلي أبدا بنعت خشوعه والستر للعوام عقوبة وللخواص رحمة، إذ لولا أنه يستر عليهم ما يكاشفهم به لتلاشوا عند سلطان الحقيقة ولكنه كما يظهر لهم يستر عليهم. الستر والتجلي
سمعت منصور المغربي يقول: وافى بعض الفقراء حيا من أحياء العرب فأضافه شاب فبينا الشاب في خدمة هذا الفقير إذ غشي عليه فسأل الفقير عن حاله فقالوا: له بنت عم وقد علقها فمشت في خيمتها فرأى الشاب غبار ذيلها فغشي عليه فمضى الفقير إلى باب الخيمة وقال: إن للغريب فيكم حرمة وذماما وقد جئت مستشفعا إليك في أمر هذا الشاب فتعطفي عليه فيما هو به من هواك، فقالت: سبحان الله أنت سليم القلب إنه لا يطيق شهود غير ذيلي فكيف يطيق صحبتي؟ وعوام هذه الطائفة عيشهم في التجلي وبلاؤهم في الستر، وأما الخواص: فهم بين طيش وعيش، لأنهم إذا تجلى لهم طاشوا وإذا ستر عليهم ردوا إلى الحظ فعاشوا. [ ص: 183 ] وقيل: إنما قال الحق تعالى لموسى عليه السلام وما تلك بيمينك يا موسى ليستر عليه ببعض ما يعلله به بعض ما أثر فيه من المكاشفة بفجأة السماع وقال صلى الله عليه وسلم: والاستغفار طلب الستر لأن الغفر هو الستر ومنه غفر الثوب والمغفر وغيره. فكأنه أخبر أنه يطلب الستر على قلبه عند سطوات الحقيقة إذ الخلق لا بقاء لهم مع وجود الحق وفي الخبر لو كشف عن وجهه لأحرقت سبحات وجهه ما أدرك بصره. إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر الله في اليوم سبعين مرة
[ ص: 184 ]