3 - ( 3 ) - حديث : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : { خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء ، إلا ما غير طعمه ، أو ريحه    }لم أجده هكذا ، وقد تقدم في حديث  أبي سعيد  بلفظ : { إن الماء طهور لا ينجسه شيء   }وليس فيه خلق الله ، ولا الاستثناء . 
وفي الباب كذلك عن  جابر  بلفظ : { إن الماء لا ينجسه شيء   }وفيه قصة ، رواه  ابن ماجه  ، وفي إسناده أبو سفيان صريف بن شهاب  وهو ضعيف متروك ، وقد اختلف فيه على شريك  الراوي عنه ، وعن  ابن عباس  بلفظ : { الماء لا ينجسه شيء   }رواه  أحمد   وابن خزيمة   وابن حبان  ، ورواه أصحاب السنن ، بلفظ : { إن الماء لا يجنب   }وفيه قصة . 
وقال الحازمي    : لا يعرف  [ ص: 16 ] مجودا إلا من حديث سماك بن حرب  ، عن عكرمة  ،  وسماك  مختلف فيه ، وقد احتج به  مسلم  ، وعن  سهل بن سعد  ، رواه  الدارقطني  ، وعن  عائشة  بلفظ : { إن الماء لا ينجسه شيء   }رواه  الطبراني  في الأوسط وأبو يعلى  ،  والبزار  وأبو علي بن السكن  في صحاحه من حديث شريك  ، ورواه  أحمد  من طريق أخرى صحيحة لكنه موقوف ، وفي المصنف  والدارقطني  من طريق  داود بن أبي هند  ، عن  سعيد بن المسيب  ، قال : " { أنزل الله الماء طهورا لا ينجسه شيء   }وأما الاستثناء : فرواه  الدارقطني  من حديث  ثوبان  بلفظ : " { الماء طهور ، لا ينجسه شيء ، إلا ما غلب على ريحه ، أو طعمه   }وفيه رشدين بن سعد  ، وهو متروك ، وقال ابن يونس    : كان رجلا صالحا ، لا شك في فضله ، أدركته غفلة الصالحين ، فخلط في الحديث . 
وعن أبي أمامة  مثله ، رواه  ابن ماجه   والطبراني  ، وفيه رشدين  أيضا ، ورواه  البيهقي  بلفظ : { إن الماء طاهر إلا إن تغير ريحه ، أو طعمه ، أو لونه  [ ص: 17 ] بنجاسة تحدث فيه   }أورده من طريق عطية بن بقية  ، عن أبيه ، عن ثور  ، عن  راشد بن سعد  عن أبي أمامة  ، وفيه تعقب على من زعم أن رشدين بن سعد  تفرد بوصله ، ورواه  الطحاوي   والدارقطني  ، من طريق  راشد بن سعد  مرسلا بلفظ : { الماء لا ينجسه شيء ، إلا ما غلب على ريحه أو طعمه   }زاد  الطحاوي    : أو لونه ، وصحح أبو حاتم  إرساله . قال  الدارقطني  في العلل : هذا الحديث يرويه رشدين بن سعد  ، عن  معاوية بن صالح  ، عن  راشد بن سعد  ، عن أبي أمامة  ، وخالفه الأحوص بن حكيم  ، فرواه عن رشدين بن سعد  مرسلا . وقال  أبو أسامة  ، عن  الأحوص  ، عن راشد    . قوله : قال  الدارقطني    : ولا يثبت هذا الحديث . 
وقال  الشافعي    : ما قلت من أنه إذا تغير طعم الماء ، وريحه ، ولونه كان نجسا ، يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من وجه لا يثبت أهل الحديث مثله ، وهو قول العامة لا أعلم بينهم خلافا . وقال النووي    : اتفق المحدثون على تضعيفه ، وقال  ابن المنذر    : أجمع العلماء على أن الماء القليل والكثير ، إذا وقعت فيه نجاسة ، فغيرت له طعما أو لونا أو ريحا ، فهو نجس . 
قوله : " نص الشارع على الطعم والريح ، وقاس  الشافعي  اللون عليهما " . هذا الكلام تبع فيه صاحب المهذب ، وكذا قاله الروياني  في البحر ، وكأنهما لم يقفا على الرواية التي فيها ذكر اللون ، ولا يقال : لعلهما تركاها لضعفها ; لأنهما لو راعيا الضعف لتركا الحديث جملة ، فقد قدمنا عن صاحب المذهب أنه لا يثبت ، ونص مع ذلك فيه على اللون في نفس الخبر . 
قوله : وحمل  الشافعي  الخبر على الكثير ، لأنه ورد في بئر بضاعة  وكان ماؤها كثيرا ، وهذا مصير منه إلى أن هذا الحديث ورد في بئر بضاعة  ، وليس كذلك ، نعم  [ ص: 18 ] صدر الحديث كما قدمناه دون قوله : " خلق الله " هو في حديث بئر بضاعة  ، وأما الاستثناء الذي هو موضع الحجة منه فلا ، والرافعي  كأنه تبع الغزالي  في هذه المقالة ، فإنه قال في المستصفى : لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن بئر بضاعة  ، قال : { خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء ، إلا ما غير لونه ، أو طعمه ، أو ريحه   }وكلامه متعقب لما ذكرناه ، وقد تبعه  ابن الحاجب  في المختصر في الكلام على العام ، وهو خطأ ، والله الموفق . 
( تنبيه ) : وقع لابن الرفعة  أشد من هذا الوهم ، فإنه عزا هذا الاستثناء إلى رواية أبي داود  ، فقال : ورواية أبي داود    : { خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شيء ، إلا ما غير طعمه ، أو ريحه   }ووهم في ذلك ، فليس هذا في سنن أبي داود  أصلا . 
( فائدة ) : أهمل الرافعي  الاستدلال على أن الماء لا تسلب طهوريته بالتغير اليسير ، بنحو الزعفران والدقيق ، وعند  ابن خزيمة  ،  والنسائي  من حديث أم هانئ    : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل هو وميمونة  من إناء واحد ، من قصعة فيها أثر العجين   }. 
وفي الباب حديث  الزبير  ، في غسل النبي صلى الله عليه وسلم وجهه من الدم ، الذي أصابه بأحد ، بماء آجن . أي متغير ، رواه  البيهقي  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					