( باب القاف مع الراء )
( قرأ ) * قد تكرر في الحديث ذكر " القراءة ، والاقتراء ، والقارئ ، والقرآن " والأصل في هذه اللفظة الجمع . وكل شيء جمعته فقد قرأته ، وسمي القرآن قرآنا لأنه جمع القصص ، والأمر والنهي ، والوعد والوعيد ، والآيات والسور بعضها إلى بعض ، وهو مصدر كالغفران والكفران .
وقد يطلق على الصلاة ؛ لأن فيها قراءة ، تسمية للشيء ببعضه ، وعلى القراءة نفسها ، يقال : قرأ يقرأ قراءة وقرآنا ، والاقتراء : افتعال من القراءة ، وقد تحذف الهمزة منه تخفيفا ، فيقال : قران ،
[ ص: 31 ] وقريت ، وقار ، ونحو ذلك من التصريف .
( س ) وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1002637أكثر منافقي أمتي قراؤها أي : أنهم يحفظون القرآن نفيا للتهمة عن أنفسهم ، وهم معتقدون تضييعه ، وكان المنافقون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة .
وفي حديث
أبي في ذكر سورة الأحزاب :
إن كانت لتقاري سورة البقرة أو هي أطول أي : تجاريها مدى طولها في القراءة ، أو أن قارئها ليساوي قارئ سورة البقرة في زمن قراءتها ، وهي مفاعلة من القراءة .
قال
الخطابي : هكذا رواه
ابن هشام ، وأكثر الروايات :
إن كانت لتوازي . [ هـ ] وفيه :
أقرؤكم أبي قيل : أراد من جماعة مخصوصين ، أو في وقت من الأوقات ، فإن غيره كان أقرأ منه .
ويجوز أن يريد به أكثرهم قراءة .
ويجوز أن يكون عاما وأنه أقرأ الصحابة ؛ أي : أتقن للقرآن وأحفظ .
( س ) وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
أنه كان لا يقرأ في الظهر والعصر ثم قال في آخره :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وما كان ربك نسيا معناه أنه كان لا يجهر بالقراءة فيهما ، أو لا يسمع نفسه قراءته ، كأنه رأى قوما يقرءون فيسمعون أنفسهم ومن قرب منهم .
ومعنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وما كان ربك نسيا يريد أن القراءة التي تجهر بها أو تسمعها نفسك يكتبها الملكان ، وإذا قرأتها في نفسك لم يكتباها ، والله يحفظها لك ولا ينساها ليجازيك عليها .
وفيه :
إن الرب عز وجل يقرئك السلام يقال : أقرئ فلانا السلام واقرأ عليه السلام ، كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده ، وإذا قرأ الرجل القرآن أو الحديث على الشيخ يقول : أقرأني فلان ؛ أي : حملني على أن أقرأ عليه ، وقد تكرر في الحديث .
( هـ ) وفي إسلام
أبي ذر : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1002642لقد وضعت قوله على أقراء الشعر فلا يلتئم على لسان أحد " .
[ ص: 32 ] أي : على طرق الشعر وأنواعه وبحوره ، واحدها : قرء ، بالفتح .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وغيره : أقراء الشعر : قوافيه التي يختم بها ، كأقراء الطهر التي ينقطع عندها ، الواحد قرء ، وقرء ، وقري ؛ لأنها مقاطع الأبيات وحدودها .
[ هـ ] وفيه :
دعي الصلاة أيام أقرائك قد تكررت هذه اللفظة في الحديث مفردة ومجموعة ، والمفردة بفتح القاف ، وتجمع على أقراء وقروء ، وهو من الأضداد يقع على الطهر ، وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأهل الحجاز ، وعلى الحيض ، وإليه ذهب
أبو حنيفة وأهل العراق .
والأصل في القرء الوقت المعلوم ، فلذلك وقع على الضدين ؛ لأن لكل منهما وقتا ، وأقرأت المرأة إذا طهرت وإذا حاضت ، وهذا الحديث أراد بالأقراء فيه الحيض ؛ لأنه أمرها فيه بترك الصلاة .
( بَابُ الْقَافِ مَعَ الرَّاءِ )
( قَرَأَ ) * قَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ " الْقِرَاءَةِ ، وَالِاقْتِرَاءِ ، وَالْقَارِئِ ، وَالْقُرْآنِ " وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ الْجَمْعُ . وَكُلُّ شَيْءٍ جَمَعْتَهُ فَقَدَ قَرَأْتَهُ ، وَسُمِّيَ الْقُرْآنُ قُرْآنًا لِأَنَّهُ جَمَعَ الْقِصَصَ ، وَالْأَمْرَ وَالنَّهْيَ ، وَالْوَعْدَ وَالْوَعِيدَ ، وَالْآيَاتِ وَالسُّوَرَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ ، وَهُوَ مَصْدَرٌ كَالْغُفْرَانِ وَالْكُفْرَانِ .
وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الصَّلَاةِ ؛ لِأَنَّ فِيهَا قِرَاءَةً ، تَسْمِيَةً لِلشَّيْءِ بِبَعْضِهِ ، وَعَلَى الْقِرَاءَةِ نَفْسِهَا ، يُقَالُ : قَرَأَ يَقْرَأُ قِرَاءَةً وَقُرْآنًا ، وَالِاقْتِرَاءُ : افْتِعَالٌ مِنَ الْقِرَاءَةِ ، وَقَدْ تُحْذَفُ الْهَمْزَةُ مِنْهُ تَخْفِيفًا ، فَيُقَالُ : قُرْانٌ ،
[ ص: 31 ] وَقَرَيْتُ ، وَقَارٍ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ التَّصْرِيفِ .
( س ) وَفِيهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1002637أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُهَا أَيْ : أَنَّهُمْ يَحْفَظُونَ الْقُرْآنَ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ ، وَهُمْ مُعْتَقِدُونَ تَضْيِيعَهُ ، وَكَانَ الْمُنَافِقُونَ فِي عَصْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ .
وَفِي حَدِيثِ
أُبَيٍّ فِي ذِكْرِ سُورَةِ الْأَحْزَابِ :
إِنْ كَانَتْ لَتُقَارِي سُورَةَ الْبَقَرَةِ أَوْ هِيَ أَطْوَلُ أَيْ : تُجَارِيهَا مَدَى طُولِهَا فِي الْقِرَاءَةِ ، أَوْ أَنَّ قَارِئَهَا لَيُسَاوِي قَارِئَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي زَمَنِ قِرَاءَتِهَا ، وَهِيَ مُفَاعَلَةٌ مِنَ الْقِرَاءَةِ .
قَالَ
الْخَطَّابِيُّ : هَكَذَا رَوَاهُ
ابْنُ هِشَامٍ ، وَأَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ :
إِنْ كَانَتْ لَتُوَازِي . [ هـ ] وَفِيهِ :
أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ قِيلَ : أَرَادَ مِنْ جَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ ، أَوْ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ ، فَإِنَّ غَيْرَهُ كَانَ أَقْرَأَ مِنْهُ .
وَيَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَكْثَرَهُمْ قِرَاءَةً .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامًّا وَأَنَّهُ أَقْرَأُ الصَّحَابَةِ ؛ أَيْ : أَتْقَنُ لِلْقُرْآنِ وَأَحْفَظُ .
( س ) وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ :
أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا مَعْنَاهُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيهِمَا ، أَوْ لَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ قِرَاءَتَهُ ، كَأَنَّهُ رَأَى قَوْمًا يَقْرَءُونَ فَيُسْمِعُونَ أَنْفُسَهُمْ وَمَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=64وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا يُرِيدُ أَنَّ الْقِرَاءَةَ الَّتِي تَجْهَرُ بِهَا أَوْ تُسْمِعُهَا نَفْسَكَ يَكْتُبُهَا الْمَلَكَانِ ، وَإِذَا قَرَأْتَهَا فِي نَفْسِكَ لَمْ يَكْتُبَاهَا ، وَاللَّهُ يَحْفَظُهَا لَكَ وَلَا يَنْسَاهَا لِيُجَازِيَكَ عَلَيْهَا .
وَفِيهِ :
إِنَّ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ يُقْرِئُكَ السَّلَامَ يُقَالُ : أَقْرِئْ فُلَانًا السَّلَامَ وَاقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلَامَ ، كَأَنَّهُ حِينَ يُبَلِّغُهُ سَلَامَهُ يَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يَقْرَأَ السَّلَامَ وَيَرُدَّهُ ، وَإِذَا قَرَأَ الرَّجُلُ الْقُرْآنَ أَوِ الْحَدِيثَ عَلَى الشَّيْخِ يَقُولُ : أَقْرَأَنِي فُلَانٌ ؛ أَيْ : حَمَلَنِي عَلَى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْهِ ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ .
( هـ ) وَفِي إِسْلَامِ
أَبِي ذَرٍّ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1002642لَقَدْ وَضَعْتُ قَوْلَهُ عَلَى أَقْرَاءِ الشِّعْرِ فَلَا يِلْتَئِمُ عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ " .
[ ص: 32 ] أَيْ : عَلَى طُرُقٍ الشِّعْرِ وَأَنْوَاعِهِ وَبُحُورِهِ ، وَاحِدُهَا : قَرْءٌ ، بِالْفَتْحِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ : أَقْرَاءُ الشِّعْرِ : قَوَافِيهُ الَّتِي يُخْتَمُ بِهَا ، كَأَقْرَاءِ الطُّهْرِ الَّتِي يَنْقَطِعُ عِنْدَهَا ، الْوَاحِدُ قَرْءٌ ، وَقُرْءٌ ، وَقَرِيٌّ ؛ لِأَنَّهَا مَقَاطِعُ الْأَبْيَاتِ وَحُدُودُهَا .
[ هـ ] وَفِيهِ :
دَعِي الصَّلَاةَ أَيَامَ أَقْرَائِكِ قَدْ تَكَرَّرَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ فِي الْحَدِيثِ مُفْرَدَةً وَمَجْمُوعَةً ، وَالْمُفْرَدَةُ بِفَتْحِ الْقَافِ ، وَتُجَمَعُ عَلَى أَقْرَاءِ وَقُرُوءٍ ، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ يَقَعُ عَلَى الطُّهْرِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَهْلُ الْحِجَازِ ، وَعَلَى الْحَيْضِ ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ
أَبُو حَنِيفَةَ وَأَهْلُ الْعِرَاقِ .
وَالْأَصْلُ فِي الْقَرْءِ الْوَقْتُ الْمَعْلُومُ ، فَلِذَلِكَ وَقَعَ عَلَى الضِّدَّيْنِ ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَقْتًا ، وَأَقْرَأَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا طَهُرَتْ وَإِذَا حَاضَتْ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَرَادَ بِالْأَقْرَاءِ فِيهِ الْحَيْضَ ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهَا فِيهِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ .