( باب الكاف مع الفاء )
( كفأ ) ( ه ) فيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003241المسلمون تتكافأ دماؤهم أي : تتساوى في القصاص والديات .
والكفء : النظير والمساوي ، ومنه الكفاءة في النكاح ، وهو أن يكون الزوج مساويا للمرأة في حسبها ودينها ونسبها وبيتها ، وغير ذلك .
( هـ ) ومنه الحديث :
كان لا يقبل الثناء إلا من مكافئ قال
القتيبي : معناه إذا أنعم على رجل نعمة فكافأه بالثناء عليه قبل ثناءه ، وإذا أثنى عليه قبل أن ينعم عليه لم يقبلها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : هذا غلط ، إذ كان أحد لا ينفك من إنعام النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الله بعثه رحمة للناس كافة ، فلا يخرج منها مكافئ ولا غير مكافئ . والثناء عليه فرض لا يتم الإسلام إلا به ، وإنما المعنى : لا يقبل الثناء عليه إلا من رجل يعرف حقيقة
[ ص: 181 ] إسلامه ، ولا يدخل في جملة المنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، وقال
الأزهري : وفيه قول ثالث ، إلا من مكافئ ؛ أي : من مقارب غير مجاوز حد مثله ولا مقصر عما رفعه الله إليه .
( هـ ) وفي حديث العقيقة :
عن الغلام شاتان مكافئتان يعني : متساويتين في السن ؛ أي : لا يعق عنه إلا بمسنة ، وأقله أن يكون جذعا كما يجزئ في الضحايا .
وقيل : مكافئتان ؛ أي : مستويتان أو متقاربتان ، واختار
الخطابي الأول .
واللفظة " مكافئتان " بكسر الفاء ، يقال : كافأه يكافئه فهو مكافئه ؛ أي : مساويه .
قال : والمحدثون يقولون : " مكافأتان " بالفتح ، وأرى الفتح أولى ؛ لأنه يريد شاتين قد سوي بينهما ، أو مساوى بينهما ، وأما بالكسر فمعناه أنهما متساويتان ، فيحتاج أن يذكر أي شيء ساويا ، وإنما لو قال " متكافئتان " كان الكسر أولى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : لا فرق بين المكافئتين والمكافأتين ؛ لأن كل واحدة إذا كافأت أختها فقد كوفئت ، فهي مكافئة ومكافأة .
أو يكون معناه : معادلتان لما يجب في الزكاة والأضحية من الأسنان ، ويحتمل مع الفتح أن يراد مذبوحتان ، من كافأ الرجل بين بعيرين ، إذا نحر هذا ثم هذا معا من غير تفريق ، كأنه يريد شاتين يذبحهما في وقت واحد .
وفي شعر حسان :
وروح القدس ليس له كفاء
أي :
جبريل ليس له نظير ولا مثل .
[ ص: 182 ] ومنه الحديث :
فنظر إليهم فقال : من يكافئ هؤلاء ؟ .
( س ) وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف : " لا أقاوم من لا كفاء له " يعني : الشيطان ، ويروى : " لا أقاول " .
[ هـ ] وفيه :
لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في إنائها هو تفتعل ، من كفأت القدر ، إذا كببتها لتفرغ ما فيها ، يقال : كفأت الإناء وأكفأته إذا كببته ، وإذا أملته .
وهذا تمثيل لإمالة الضرة حق صاحبتها من زوجها إلى نفسها إذا سألت طلاقها .
( هـ ) ومنه حديث الهرة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003245أنه كان يكفئ لها الإناء " ؛ أي : يميله لتشرب منه بسهولة .
( س ) وحديث الفرعة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003275خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره ، وتكفئ إناءك وتوله ناقتك " أي : تكب إناءك ؛ لأنه لا يبقى لك لبن تحلبه فيه .
( س ) وحديث الصراط :
آخر من يمر رجل يتكفأ به الصراط أي : يتميل وينقلب .
ومنه حديث [ دعاء ] الطعام : "
غير مكفأ ولا مودع ربنا " أي : غير مردود ولا مقلوب ، والضمير راجع إلى الطعام .
وقيل : " مكفي " من الكفاية ، فيكون من المعتل ، يعني : أن الله هو المطعم والكافي ، وهو غير مطعم ولا مكفي ، فيكون الضمير راجعا إلى الله ، وقوله " ولا مودع " أي : غير متروك الطلب إليه والرغبة فيما عنده .
وأما قوله : " ربنا " فيكون على الأول منصوبا على النداء المضاف بحذف حرف النداء ، وعلى الثاني مرفوعا على الابتداء ؛ أي : ربنا غير مكفي ولا مودع .
ويجوز أن يكون الكلام راجعا إلى الحمد ، كأنه قال : حمدا كثيرا مباركا فيه ، غير مكفي ولا مودع ، ولا مستغنى عنه ؛ أي : عن الحمد .
[ ص: 183 ] وفي حديث الضحية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003278ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما أي مال ورجع .
ومنه الحديث " فأضع السيف في بطنه ثم أنكفئ عليه " .
وفي حديث القيامة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003279وتكون الأرض خبزة واحدة ، يكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر .
وفي رواية : يتكفؤها ، يريد الخبزة التي يصنعها المسافر ويضعها في الملة ، فإنها لا تبسط كالرقاقة ، وإنما تقلب على الأيدي حتى تستوي .
[ هـ ] وفي صفة مشيه عليه الصلاة والسلام :
كان إذا مشى تكفى تكفيا أي : تمايل إلى قدام ، هكذا روي غير مهموز ، والأصل الهمز ، وبعضهم يرويه مهموزا ؛ لأن مصدر تفعل من الصحيح تفعل ، كتقدم تقدما وتكفأ تكفأ ، والهمزة حرف صحيح ، فأما إذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه ، نحو : تحفى تحفيا ، وتسمى تسميا ، فإذا خففت الهمزة التحقت بالمعتل ، وصار تكفيا ، بالكسر .
( هـ ) وفي حديث
أبي ذر : "
ولنا عباءتان نكافئ بهما عين الشمس " أي : ندافع ، من المكافأة : المقاومة .
( س ) وفي حديث
أم معبد :
رأى شاة في كفاء البيت هو شقة أو شقتان تخاط إحداهما بالأخرى ، ثم تجعل في مؤخر البيت ، والجمع : أكفئة ، كحمار ، وأحمرة .
( هـ ) وفي حديث
عمر : " أنه انكفأ لونه عام الرمادة " أي : تغير عن حاله .
( س ) ومنه حديث الأنصاري : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003282ما لي أرى لونك منكفئا ؟ قال : من الجوع " .
( هـ ) وفيه : " أن رجلا اشترى معدنا بمائة شاة متبع ، فقالت له أمه : إنك اشتريت ثلاثمائة شاة أمهاتها مائة ، وأولادها مائة ، وكفأتها مائة " أصل الكفأة في الإبل : أن تجعل قطعتين يراوح بينهما فيقال : أعطني كفأة ناقتك وكفأتها ؛ أي : نتاجها ، وأكفأت إبلي كفأتين ، إذا جعلتها نصفين ينتج كل عام نصفها ويترك نصفها ، وهو أفضل النتاج ، كما يفعل بالأرض للزراعة .
[ ص: 184 ] ويقال : وهبت له كفأة ناقتي ؛ أي : وهبت له لبنها وولدها ووبرها سنة .
قال الأزهري : جعلت كفأة مائة نتاج ، في كل نتاج مائة ؛ لأن الغنم لا تجعل قطعتين ، ولكن ينزى عليها جميعا وتحمل جميعا ، ولو كانت إبلا كانت كفأة مائة من الإبل خمسين .
( س ) وفي حديث
النابغة : " أنه كان يكفئ في شعره " الإكفاء في الشعر : أن يخالف بين حركات الروي رفعا ونصبا وجرا ، وهو كالإقواء .
وقيل : هو أن يخالف بين قوافيه ، فلا يلزم حرفا واحدا .
( بَابُ الْكَافِ مَعَ الْفَاءِ )
( كَفَأَ ) ( ه ) فِيهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003241الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ أَيْ : تَتَسَاوَى فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ .
وَالْكُفْءُ : النَّظِيرُ وَالْمُسَاوِي ، وَمِنْهُ الْكَفَاءَةُ فِي النِّكَاحِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مُسَاوِيًا لِلْمَرْأَةِ فِي حَسَبِهَا وَدِينِهَا وَنَسَبِهَا وَبَيْتِهَا ، وَغَيْرِ ذَلِكَ .
( هـ ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ :
كَانَ لَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ قَالَ
الْقُتَيْبِيُّ : مَعْنَاهُ إِذَا أَنْعَمَ عَلَى رَجُلٍ نِعْمَةً فَكَافَأَهُ بِالثَّنَاءِ عَلَيْهِ قَبِلَ ثَنَاءَهُ ، وَإِذَا أَثْنَى عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُنْعِمَ عَلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : هَذَا غَلَطٌ ، إِذْ كَانَ أَحَدٌ لَا يَنْفَكُّ مِنْ إِنْعَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ بَعَثَهُ رَحْمَةً لِلنَّاسِ كَافَّةً ، فَلَا يَخْرُجُ مِنْهَا مُكَافِئٌ وَلَا غَيْرُ مُكَافِئٍ . وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ فَرْضٌ لَا يَتِمُّ الْإِسْلَامُ إِلَّا بِهِ ، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى : لَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا مِنْ رَجُلٍ يَعْرِفُ حَقِيقَةَ
[ ص: 181 ] إِسْلَامِهِ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي جُمْلَةِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ، وَقَالَ
الْأَزْهَرِيُّ : وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ ، إِلَّا مِنْ مُكَافِئٍ ؛ أَيْ : مِنْ مُقَارِبٍ غَيْرِ مُجَاوِزٍ حَدَّ مِثْلِهِ وَلَا مُقَصِّرٍ عَمَّا رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ .
( هـ ) وَفِي حَدِيثِ الْعَقِيقَةِ :
عَنِ الْغُلَامِ شَاتَانِ مُكَافِئَتَانِ يَعْنِي : مُتَسَاوِيَتَيْنِ فِي السِّنِّ ؛ أَيْ : لَا يُعَقُّ عَنْهُ إِلَّا بِمُسِنَّةٍ ، وَأَقَلُّهُ أَنْ يَكُونَ جَذَعًا كَمَا يُجْزِئُ فِي الضَّحَايَا .
وَقِيلَ : مُكَافِئَتَانِ ؛ أَيْ : مُسْتَوِيَتَانِ أَوْ مُتَقَارِبَتَانِ ، وَاخْتَارَ
الْخَطَّابِيُّ الْأَوَّلَ .
وَاللَّفْظَةُ " مُكَافِئَتَانِ " بِكَسْرِ الْفَاءِ ، يُقَالُ : كَافَأَهُ يُكَافِئُهُ فَهُوَ مُكَافِئُهُ ؛ أَيْ : مُسَاوِيهِ .
قَالَ : وَالْمُحَدِّثُونَ يَقُولُونَ : " مُكَافَأَتَانِ " بِالْفَتْحِ ، وَأَرَى الْفَتْحَ أَوْلَى ؛ لِأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ قَدْ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا ، أَوْ مُسَاوًى بَيْنَهُمَا ، وَأَمَّا بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَتَانِ ، فَيَحْتَاجُ أَنْ يَذْكُرَ أَيَّ شَيْءٍ سَاوَيا ، وَإِنَّمَا لَوْ قَالَ " مُتَكَافِئَتَانِ " كَانَ الْكَسْرُ أَوْلَى .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُكَافِئَتَيْنِ والْمُكَافَأَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ إِذَا كَافَأَتْ أُخْتَهَا فَقَدْ كُوفِئَتْ ، فَهِيَ مُكَافِئَةٌ وَمُكَافَأَةٌ .
أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهُ : مُعَادِلَتَانِ لِمَا يَجِبُ فِي الزَّكَاةِ وَالْأُضْحِيَّةِ مِنَ الْأَسْنَانِ ، وَيَحْتَمِلُ مَعَ الْفَتْحِ أَنْ يُرَادَ مَذْبُوحَتَانِ ، مِنْ كَافَأَ الرَّجُلُ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ ، إِذَا نَحَرَ هَذَا ثُمَّ هَذَا مَعًا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ ، كَأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ يَذْبَحُهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ .
وَفِي شِعْرِ حَسَّانَ :
وَرُوحُ الْقُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
أَيْ :
جِبْرِيلُ لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ وَلَا مِثْلٌ .
[ ص: 182 ] وَمِنْهُ الْحَدِيثُ :
فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ : مَنْ يُكَافِئُ هَؤُلَاءِ ؟ .
( س ) وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=13669الْأَحْنَفِ : " لَا أُقَاوِمُ مَنْ لَا كِفَاءَ لَهُ " يَعْنِي : الشَّيْطَانَ ، وَيُرْوَى : " لَا أُقَاوِلُ " .
[ هـ ] وَفِيهِ :
لَا تَسْأَلِ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَكْتَفِئَ مَا فِي إِنَائِهَا هُوَ تَفْتَعِلُ ، مِنْ كَفَأْتُ الْقِدْرَ ، إِذَا كَبَبْتَهَا لِتُفْرِغَ مَا فِيهَا ، يُقَالُ : كَفَأْتُ الْإِنَاءَ وَأَكْفَأْتُهُ إِذَا كَبَبْتَهُ ، وَإِذَا أَمَلْتَهُ .
وَهَذَا تَمْثِيلٌ لِإِمَالَةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صَاحِبَتِهَا مِنْ زَوْجِهَا إِلَى نَفْسِهَا إِذَا سَأَلَتْ طَلَاقَهَا .
( هـ ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْهِرَّةِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003245أَنَّهُ كَانَ يُكْفِئُ لَهَا الْإِنَاءَ " ؛ أَيْ : يُمِيلُهُ لِتَشْرَبَ مِنْهُ بِسُهُولَةٍ .
( س ) وَحَدِيثُ الْفَرَعَةِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003275خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذْبَحَهُ يَلْصَقُ لَحْمُهُ بِوَبَرِهِ ، وَتُكْفِئُ إِنَاءَكَ وَتُوَلِّهُ نَاقَتَكَ " أَيْ : تَكُبُّ إِنَاءَكَ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَبْقَى لَكَ لَبَنٌ تَحْلُبُهُ فِيهِ .
( س ) وَحَدِيثُ الصِّرَاطِ :
آخِرُ مَنْ يَمُرُّ رَجُلٌ يَتَكَفَّأُ بِهِ الصِّرَاطُ أَيْ : يَتَمَيَّلُ وَيَنْقَلِبُ .
وَمِنْهُ حَدِيثُ [ دُعَاءِ ] الطَّعَامِ : "
غَيْرُ مُكْفَأٍ وَلَا مُوَدَّعٍ رَبَّنَا " أَيْ : غَيْرُ مَرْدُودٍ وَلَا مَقْلُوبٍ ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى الطَّعَامِ .
وَقِيلَ : " مَكْفِيٌّ " مِنَ الْكِفَايَةِ ، فَيَكُونُ مِنَ الْمُعْتَلِّ ، يَعْنِي : أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُطْعِمُ وَالْكَافِي ، وَهُوَ غَيْرُ مُطْعَمٍ وَلَا مَكْفِيٍّ ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ رَاجِعًا إِلَى اللَّهِ ، وَقَوْلُهُ " وَلَا مُوَدَّعٍ " أَيْ : غَيْرِ مَتْرُوكِ الطَّلَبِ إِلَيْهِ وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَهُ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : " رَبَّنَا " فَيَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ مَنْصُوبًا عَلَى النِّدَاءِ الْمُضَافِ بِحَذْفِ حَرْفِ النِّدَاءِ ، وَعَلَى الثَّانِي مَرْفُوعًا عَلَى الِابْتِدَاءِ ؛ أَيْ : رَبُّنَا غَيْرُ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ رَاجِعًا إِلَى الْحَمْدِ ، كَأَنَّهُ قَالَ : حَمْدًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ ؛ أَيْ : عَنِ الْحَمْدِ .
[ ص: 183 ] وَفِي حَدِيثِ الضَّحِيَّةِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003278ثُمَّ انْكَفَأَ إِلَى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فَذَبَحَهُمَا أَيْ مَالَ وَرَجَعَ .
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ " فَأَضَعُ السَّيْفَ فِي بَطْنِهِ ثُمَّ أَنْكَفِئُ عَلَيْهِ " .
وَفِي حَدِيثِ الْقِيَامَةِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003279وَتَكُونُ الْأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً ، يَكْفَؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ .
وَفِي رِوَايَةٍ : يَتَكَفَّؤُهَا ، يُرِيدُ الْخُبْزَةَ التِّي يَصْنَعُهَا الْمُسَافِرُ وَيَضَعُهَا فِي الْمَلَّةِ ، فَإِنَّهَا لَا تُبْسَطُ كَالرُّقَاقَةِ ، وَإِنَّمَا تُقْلَبُ عَلَى الْأَيْدِي حَتَّى تَسْتَوِيَ .
[ هـ ] وَفِي صِفَةِ مَشْيِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
كَانَ إِذَا مَشَى تَكَفَّى تَكَفِّيًا أَيْ : تَمَايَلَ إِلَى قُدَّامٍ ، هَكَذَا رُوِيَ غَيْرَ مَهْمُوزٍ ، وَالْأَصْلُ الْهَمْزُ ، وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ مَهْمُوزًا ؛ لِأَنَّ مَصْدَرَ تَفَعَّلَ مِنَ الصَّحِيحِ تَفَعُّلٌ ، كَتَقَدَّمَ تَقَدُّمًا وَتَكَفَّأَ تَكَفُّأً ، وَالْهَمْزَةُ حَرْفٌ صَحِيحٌ ، فَأَمَّا إِذَا اعْتَلَّ انْكَسَرَتْ عَيْنُ الْمُسْتَقْبَلِ مِنْهُ ، نَحْوُ : تَحَفَّى تَحَفِّيًا ، وَتَسَمَّى تَسَمِّيًا ، فَإِذَا خُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ الْتَحَقَتْ بِالْمُعْتَلِّ ، وَصَارَ تَكَفِّيًا ، بِالْكَسْرِ .
( هـ ) وَفِي حَدِيثِ
أَبِي ذَرٍّ : "
وَلَنَا عَبَاءَتَانِ نُكَافِئُ بِهِمَا عَيْنَ الشَّمْسِ " أَيْ : نُدَافِعُ ، مِنَ الْمُكَافَأَةِ : الْمُقَاوَمَةُ .
( س ) وَفِي حَدِيثِ
أُمِّ مَعْبَدٍ :
رَأَى شَاةً فِي كِفَاءِ الْبَيْتِ هُوَ شُقَّةٌ أَوْ شُقَّتَانِ تُخَاطُ إِحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى ، ثُمَّ تُجْعَلُ فِي مُؤَخَّرِ الْبَيْتِ ، وَالْجَمْعُ : أَكْفِئَةٌ ، كَحِمَارٍ ، وَأَحْمِرَةٍ .
( هـ ) وَفِي حَدِيثِ
عُمَرَ : " أَنَّهُ انْكَفَأَ لَوْنُهُ عَامَ الرَّمَادَةِ " أَيْ : تَغَيَّرَ عَنْ حَالِهِ .
( س ) وَمِنْهُ حَدِيثُ الْأَنْصَارِيِّ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1003282مَا لِي أَرَى لَوْنَكَ مُنْكَفِئًا ؟ قَالَ : مِنَ الْجُوعِ " .
( هـ ) وَفِيهِ : " أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مَعْدِنًا بِمِائَةِ شَاةٍ مُتْبِعٍ ، فَقَالَتْ لَهُ أُمُّهُ : إِنَّكَ اشْتَرَيْتَ ثَلَاثَمِائَةِ شَاةٍ أُمَّهَاتُهَا مِائَةٌ ، وَأَوْلَادُهَا مِائَةٌ ، وَكُفْأَتُهَا مِائَةٌ " أَصْلُ الْكُفْأَةِ فِي الْإِبِلِ : أَنْ تُجْعَلَ قِطْعَتَيْنِ يُرَاوَحُ بَيْنَهُمَا فَيُقَالُ : أَعْطِنِي كُفْأَةَ نَاقَتِكَ وَكَفْأَتَهَا ؛ أَيْ : نِتَاجَهَا ، وَأَكْفَأْتُ إِبِلِي كُفْأَتَيْنِ ، إِذَا جَعَلْتَهَا نِصْفَيْنِ يُنْتَجُ كُلَّ عَامٍ نِصْفُهَا وَيُتْرَكُ نِصْفُهَا ، وَهُوَ أَفْضَلُ النِّتَاجِ ، كَمَا يُفْعَلُ بِالْأَرْضِ لِلزِّرَاعَةِ .
[ ص: 184 ] وَيُقَالُ : وَهَبْتُ لَهُ كُفْأَةَ نَاقَتِي ؛ أَيْ : وَهَبْتُ لَهُ لَبَنَهَا وَوَلَدَهَا وَوَبَرَهَا سَنَةً .
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : جَعَلْتُ كُفْأَةَ مِائَةِ نِتَاجٍ ، فِي كُلِّ نِتَاجٍ مِائَةٌ ؛ لِأَنَّ الْغَنَمَ لَا تُجْعَلُ قِطْعَتَيْنِ ، وَلَكِنْ يُنْزَى عَلَيْهَا جَمِيعًا وَتَحْمِلُ جَمِيعًا ، وَلَوْ كَانَتْ إِبِلًا كَانَتْ كُفْأَةُ مِائَةٍ مِنَ الْإِبِلِ خَمْسِينَ .
( س ) وَفِي حَدِيثِ
النَّابِغَةِ : " أَنَّهُ كَانَ يُكْفِئُ فِي شِعْرِهِ " الْإِكْفَاءُ فِي الشِّعْرِ : أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَ حَرَكَاتِ الرَّوِيِّ رَفْعًا وَنَصْبًا وَجَرًّا ، وَهُوَ كَالْإِقْوَاءِ .
وَقِيلَ : هُوَ أَنْ يُخَالِفَ بَيْنَ قَوَافِيهِ ، فَلَا يَلْزَمُ حَرْفًا وَاحِدًا .