الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جثا ]

                                                          جثا : جثا يجثو ويجثي جثوا وجثيا ، على فعول فيهما : جلس على ركبتيه للخصومة ونحوها . ويقال : جثا فلان على ركبتيه ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          إنا أناس معديون عادتنا عند الصياح جثي الموت للركب



                                                          قال : أراد جثي الركب للموت فقلب . وأجثاه غيره . وقوم جثي وجثي وقوم جثى أيضا : مثل جلس جلوسا ، وقوم جلوس ، ومنه قوله تعالى : ( ونذر الظالمين فيها جثيا ) ؛ وجثيا أيضا - بكسر الجيم - لما بعدها من الكسر . وجاثيت ركبتي إلى ركبته ، وتجاثوا على الركب . وفي حديث ابن عمر : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثى كل أمة تتبع نبيها أي : جماعة ، وتروى هذه اللفظة جثي - بتشديد الياء - ، جمع جاث ، وهو الذي يجلس على ركبتيه ، ومنه حديث - علي رضوان الله عليه - : أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله - عز وجل - . ابن سيده : وقد تجاثوا في الخصومة مجاثاة وجثاء ، وهما من المصادر الآتية على غير أفعالها . وقد جثا جثوا وجثوا كجذا جذوا وجذوا ، إذا قام على أطراف أصابعه ، وعده أبو عبيدة في البدل ، وأما ابن جني فقال : ليس أحد الحرفين بدلا من صاحبه بل هما لغتان . والجاثي : القاعد . وفي التنزيل العزيز : وترى كل أمة جاثية ؛ قال مجاهد : مستوفزين على الركب . قال أبو معاذ : المستوفز الذي رفع أليتيه . ووضع ركبتيه ؛ وقال عدي يمدح النعمان :


                                                          عالم بالذي يكون نقي الص     در عف على جثاه نحور



                                                          قيل : أراد ينحر النسك على جثى آبائه أي : على قبورهم ، وقيل : الجثى صنم كان يذبح له . والجثوة والجثوة والجثوة ثلاث لغات : حجارة من تراب متجمع كالقبر ، وقيل : هي الحجارة المجموعة . والجثوة : القبر سمي بذلك ، وقيل : هي الربوة الصغيرة ، وقيل : هي الكومة من التراب . التهذيب : الجثى أتربة مجموعة واحدتها جثوة . وفي حديث عامر : رأيت قبور الشهداء جثى يعني أتربة مجموعة . وفي الحديث الآخر : فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة من تراب ، ويجمع الجميع جثى - بالضم والكسر - : وجثى الحرم : ما اجتمع فيه من حجارة الجمار . وفي الحديث : من دعا دعاء الجاهلية فهو من جثى جهنم . وفي الحديث : من دعا يا لفلان فإنما يدعو إلى جثى النار ؛ هي جمع جثوة - بالضم - وهي الشيء المجموع . وفي حديث إتيان المرأة مجبية ، رواه بعضهم مجثاة ، كأنه أراد قد جثيت فهي مجثاة أي : حملت على أن تجثو على ركبتيها . وفي الحديث : فلان من جثى جهنم ، قال أبو عبيد : له معنيان : أحدهما أنه ممن يجثو على الركب فيها ، والآخر أنه من جماعات أهل جهنم على رواية من روى جثى - بالتخفيف - ، ومن رواه من جثي جهنم - بتشديد الياء - فهو جمع الجاثي . قال الله تعالى : ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا وقال طرفة في جمع الجثوة يصف قبري أخوين غني وفقير :


                                                          ترى جثوتين من تراب عليهما     صفائح صم من صفيح مصمد



                                                          موصد . وجثوة كل إنسان : جسده . والجثوة : البدن والوسط ؛ عن ابن الأعرابي ؛ ومنه قول دغفل الذهلي : والعنبر جثوتها ؛ يعني بدن عمرو بن تميم ووسطها . ابن شميل : يقال للرجل إنه لعظيم الجثوة والجثة . وجثوة الرجل : جسده ، والجمع الجثى ؛ أنشد :


                                                          يوم ترى جثوته في الأقبر



                                                          قال : والقبر جثوة ، وما ارتفع من الأرض نحو ارتفاع القبر جثوة . والجثوة : التراب المجتمع . والجثوة والجثوة والجثوة : لغة في الجذوة والجذوة والجذوة . الفراء : جذوة من النار وجثوة ، وزعم يعقوب أن الثاء هنا بدل من الذال . وسورة الجاثية : التي تلي الدخان .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية