الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 63 ] [ جأي ]

                                                          جأي : جأى الشيء جأيا : ستره . وجأيت سره أيضا : كتمته . وكل شيء غطيته أو كتمته فقد جأيته . وجأوت السر : كتمته . وسمع سرا فما جآه جأيا أي : ما كتمه . وسقاء لا يجأى الماء أي : لا يحبسه . وما يجأى سقاؤك شيئا أي : ما يحبس الماء . وجأى إذا منع . والراعي لا يجأى الغنم أي : لا يحفظها فهي تفرق عليه . وأحمق ما يجأى مرغه أي : لا يحبس لعابه ولا يرده . وجأى السقاء : رقعه ، وجأوته كذلك ، واسم الرقعة الجئوة . وكتيبة جأواء بينة الجأى : وهي التي يعلوها لون السواد لكثرة الدروع . وجأى الثوب جأيا : خاطه وأصلحه ; عن كراع . وقد جأى على الشيء جأيا إذا عض عليه . أبو عبيدة : أجئ عليك هذا أي : غطه ; قال لبيد :


                                                          حواسر لا يجئن على الخدام

                                                          أي لا يسترن . ويقال : أجئ عليك ثوبك . والجئاوة مثل الجعاوة : وعاء القدر أو شيء يوضع عليه من جلد أو خصفة ، وجمعها جثاء مثل جراحة وجراح ; قال الجوهري : هذا قول الأصمعي ، وكان أبو عمرو يقول : الجياء والجواء يعني بذلك الوعاء أيضا . وفي حديث علي - رضوان الله عليه - : لأن أطلي بجواء قدر أحب إلي من أن أطلي بالزعفران . وأما الخرقة التي ينزل بها القدر عن الأثافي فهي الجعال . ابن بري : يقال جأوت القدر جعلت لها جئاوة . وجأيت القدر وجأيت الثوب جميع ذلك بالواو والياء . الجوهري : الجئوة مثل الجعوة ، لون من ألوان الخيل والإبل ، وهي حمرة تضرب إلى السواد ، يقال : فرس أجأى والأنثى جأواء ، وقد جئي الفرس ; قال ابن بري : ومنه قول دريد :


                                                          بجأواء جون كلون السماء     ترد الحديد فليلا كليلا

                                                          قال الأصمعي : جأى البعير واجأوى مثل ارعوى يجأوي مثل يرعوي ، اجئواء مثل ارعواء ، فجئي واجأوى مثل شهب واشهب . وفي حديث يأجوج ومأجوج : وتجأى الأرض من نتنهم حين يموتون . قال ابن الأثير : هكذا روي مهموزا ، قيل : لعله لغة في قولهم جوي الماء يجوى إذا أنتن أي : تنتن الأرض من جيفهم ، قال : وإن كان الهمز فيه محفوظا فيحتمل أن يكون من قولهم : كتيبة جأواء بينة الجأى ، وهي التي يعلوها لون السواد لكثرة الدروع ، أو من قولهم : سقاء لا يجأى شيئا أي : لا يمسكه ، فيكون المعنى أن الأرض تقذف صديدهم وجيفهم فلا تشربه ولا تمسكها ، كما لا يحبس هذا السقاء الماء ، أو من قولهم : سمعت سرا فما جأيته أي : ما كتمته ، يعني أن الأرض يستتر وجهها من كثرة جيفهم ; وفي حديث عاتكة بنت عبد المطلب :


                                                          حلفت لئن عدتم لنصطلمنكم     بجأواء تردي حافتيه المقانب

                                                          أي بجيش عظيم تجتمع مقانبه من أطرافه ونواحيه . ابن حمزة : جئاوة بطن من العرب ، وهم إخوة باهلة . ابن بري : والجياء والجواء مقلوبان ، قلبت العين إلى مكان اللام واللام إلى مكان العين ، فمن قال : جأيت قال : الجياء ، ومن قال : جأوت قال : الجواء . ابن سيده : وجاء يجوء لغة في يجيء ، وحكى سيبويه أنا أجوءك وأنبؤك على المضارعة ، قال : ومثله هو منحدر من الجبل على الإتباع ، قال حكاه سيبويه ، وجاء : اسم رجل ; قال أبو دواد الرؤاسي :


                                                          ظلت يحابر تدعى وسط أرحلنا     والمستميتون من جاء ومن حكم

                                                          قال ابن سيده : وإنما أثبته في هذا الباب وإن كانت مادته في الياء أكثر ; لأن الواو عينا أكثر من الياء ، والله أعلم .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية