الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جدر ]

                                                          جدر : هو جدير بكذا ولكذا أي : خليق له ، والجمع جديرون وجدراء ، والأنثى جديرة . وقد جدر جدارة ، وإنه لمجدرة أن يفعل ، وكذلك الاثنان والجمع ، وإنها لمجدرة بذلك ، وبأن تفعل ذلك ، وكذلك الاثنتان والجمع ؛ كله عن اللحياني . وعنه أيضا : لجدير أن يفعل ذلك ، وإنهما لجديران ؛ وقال زهير :


                                                          جديرون يوما أن ينالوا فيستعلوا



                                                          [ ص: 94 ] ويقال للمرأة : إنها لجديرة أن تفعل ذلك وخليقة ، وأنهن جديرات وجدائر ؛ وهذا الأمر مجدرة لذلك ، ومجدرة منه أي : مخلقة . ومجدرة منه أن يفعل كذا أي : هو جدير بفعله ؛ وأجدر به أن يفعل ذلك . وحكى اللحياني عن أبي جعفر الرواسي : إنه لمجدور أن يفعل ذلك ، جاء به على لفظ المفعول ، ولا فعل له . وحكى : ما رأيت من جدارته ، لم يزد على ذلك . والجدري والجدري - بضم الجيم وفتح الدال وبفتحهما - لغتان : قروح في البدن تنفط عن الجلد ، ممتلئة ماء وتقيح ، وقد جدر جدرا وجدر وصاحبها جدير مجدر ؛ وحكى اللحياني : جدر يجدر جدرا . وأرض مجدرة : ذات جدري . والجدر والجدر : سلع تكون في البدن خلقة ، وقد تكون من الضرب والجراحات ، واحدتها جدرة وجدرة ، وهي الأجدار . وقيل : الجدر إذا ارتفعت عن الجلد وإذا لم ترتفع فهي ندب ، وقد يدعى الندب جدرا ولا يدعى الجدر ندبا . وقال اللحياني : الجدر السلع تكون بالإنسان أو البثور الناتئة ، واحدتها جدرة . الجوهري : الجدرة خراج ، وهي السلعة ، والجمع جدر ؛ وأنشد ابن الأعرابي :


                                                          يا قاتل الله ذقيلا ذا الجدر



                                                          والجدر : آثار ضرب مرتفعة على جلد الإنسان ، الواحدة جدرة ، فمن قال الجدري نسبه إلى الجدر ، ومن قال الجدري نسبه إلى الجدر ؛ قال ابن سيده : هذا قول اللحياني ، قال : وليس بالحسن . وجدر ظهره جدرا : ظهرت فيه جدر . والجدرة في عنق البعير : السلعة ، وقيل : هي من البعير جدرة ، ومن الإنسان سلعة وضواة . ابن الأعرابي : الجدرة الورمة في أصل لحي البعير النضر . الجدرة : غدد تكون في عنق البعير ، يسقيها عرق في أصلها نحو السلعة برأس الإنسان . وجمل أجدر ، وناقة جدراء . والجدر : ورم يأخذ في الحلق . وشاة جدراء تقوب جلدها عن داء يصيبها ، وليس من جدري . والجدر : انتبار في عنق الحمار ، وربما كان من آثار الكدم ، وقد جدرت عنقه جدورا . وفي التهذيب : جدرت عنقه جدرا إذا انتبرت ؛ وأنشد لرؤبة :


                                                          أو جادر الليتين مطوي الحنق



                                                          ابن بزرج : جدرت يده تجدر ونفطت ومجلت ، كل ذلك مفتوح ، وهي تمجل وهو المجل ؛ وأنشد :


                                                          إني لساق أم عمرو سجلا     وإن وجدت في يدي مجلا



                                                          وفي الحديث : الكمأة جدري الأرض ، شبهها بالجدري وهو الحب الذي يظهر في جسد الصبي لظهورها من بطن الأرض ، كما يظهر الجدري من باطن الجلد ، وأراد به ذمها . ومنه حديث مسروق : أتينا عبد الله في مجدرين ومحصبين أي : جماعة أصابهم الجدري والحصبة . والحصبة : شبه الجدري يظهر في جلد الصغير . وعامر الأجدار : أبو قبيلة من كلب ، سمي بذلك لسلع كانت في بدنه . وجدر النبت والشجر وجدر جدارة وجدر وأجدر : طلعت رءوسه في أول الربيع ، وذلك يكون عشرا أو نصف شهر ، وأجدرت الأرض كذلك . وقال ابن الأعرابي : أجدر الشجر وجدر إذا أخرج ثمره كالحمص ؛ وقال الطرماح :


                                                          وأجدر من وادي نطاة وليع



                                                          وشجر جدر . وجدر العرفج والثمام يجدر إذا خرج في كعوبه ، ومتفرق عيدانه مثل أظافير الطير . وأجدر الوليع وجادر : اسمر وتغير ؛ عن أبي حنيفة ، يعني بالوليع طلع النخل . والجدرة : الحبة من الطلع . وجدر العنب : صار حبه فويق النفض . ويقال : جدر الكرم يجدر جدرا إذا حبب وهم بالإيراق . والجدر : نبت ؛ وقد أجدر المكان . والجدرة - بفتح الدال - : حظيرة تصنع للغنم من حجارة ، والجمع جدر . والجديرة : زرب الغنم . والجديرة : كنيف يتخذ من حجارة يكون للبهم وغيرها . أبو زيد : كنيف البيت مثل الحجرة ، يجمع من الشجر ، وهي الحظيرة أيضا . والحظار : ما حظر على نبات شجر ، فإن كانت الحظيرة من حجارة فهي جديرة ، وإن كان من طين فهو جدار . والجدار : الحائط ، والجمع جدر ، وجدران جمع الجمع ، مثل بطن وبطنان ؛ قال سيبويه : وهو مما استغنوا فيه ببناء أكثر العدد عن بناء أقله ، فقالوا : ثلاثة جدر ؛ وقول عبد الله بن عمر أو غيره : إذا اشتريت اللحم يضحك جدر البيت ، يجوز أن يكون جدر لغة في جدار ؛ قال ابن سيده : والصواب عندي تضحك جدر البيت ، وهو جمع جدار ، وهذا مثل وإنما يريد أن أهل الدار يفرحون . الجوهري : الجدر والجدار الحائط . وجدره يجدره جدرا : حوطه . واجتدره : بناه ؛ قال رؤبة :


                                                          تشييد أعضاد البناء المجتدر



                                                          وجدره : شيده ؛ وقوله أنشده ابن الأعرابي :


                                                          وآخرون كالحمير الجشر     كأنهم في السطح ذي المجدر



                                                          إنما أراد ذي الحائط المجدر ، وقد يجوز أن يكون أراد ذي التجدير أي : الذي جدر وشيد ، فأقام المفعل مقام التفعيل ؛ لأنهما جميعا مصدران لفعل ؛ أنشد سيبويه :


                                                          إن الموقى مثل ما لقيت



                                                          أي إن التوقية . وجدر الرجل : توارى بالجدار ؛ حكاه ثعلب ؛ وأنشد :


                                                          إن صبيح بن الزبير فأرا     في الرضم لا يترك منه حجرا
                                                          إلا ملاه حنطة وجدرا



                                                          قال : ويروى حشاه . وفأر : حفر . قال : هذا سرق حنطة وخبأها . والجدرة : حي من الأزد بنوا جدار الكعبة ، فسموا الجدرة لذلك . والجدر : أصل الجدار . وفي الحديث : حتى يبلغ الماء جدره أي : أصله ، والجمع جدور ، وقال اللحياني : هي الجوانب ؛ وأنشد :


                                                          تسقي مذانب قد طالت عصيفتها     جدورها من أتي الماء مطموم



                                                          قال : أفرد مطموما ؛ لأنه أراد ما حول الجدور ، ولولا ذلك لقال : مطمومة . وفي حديث الزبير حين اختصم هو والأنصاري إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في سيول شراج الحرة : اسق أرضك حتى يبلغ الماء الجدر ؛ أراد [ ص: 95 ] ما رفع من أعضاد المزرعة لتمسك الماء كالجدار ، وفي رواية : قال له احبس الماء حتى يبلغ الجد ؛ هي المسناة ، وهو ما رفع حول المزرعة كالجدار ، وقيل : هو لغة في الجدار ، وروي الجدر - بالضم - جمع جدار ، ويروى بالذال ومنه قوله لعائشة - رضي الله عنها - : أخاف أن يدخل قلوبهم ، أن أدخل الجذر في البيت ؛ يريد الحجر لما فيه من أصول حائط البيت . والجدر : الحواجز التي بين الدبار الممسكة الماء . والجدير : المكان يبنى حوله جدار . الليث : الجدير مكان قد بني حواليه مجدور ؛ قال الأعشى :


                                                          ويبنون في كل واد جديرا



                                                          ويقال للحظيرة من صخر : جديرة . وجدور العنب : حوائطه ، واحدها جدر . وجدراء الكظامة : حافاتها ، وقيل : طين حافتيها . والجدر : نبات واحدته جدرة . وقال أبو حنيفة : الجدر كالحلمة غير أنه صغير يتربل وهو من نبات الرمل ينبت مع المكر ، وجمعه جدور ؛ قال العجاج ووصف ثورا :


                                                          أمسى بذات الحاذ والجدور



                                                          التهذيب : الليث : الجدر ضرب من النبات ، الواحدة جدرة ؛ قال العجاج :


                                                          مكرا وجدرا واكتسى النصي



                                                          قال : ومن شجر الدق ضروب تنبت في القفاف والصلاب ، فإذا أطلعت رءوسها في أول الربيع قيل : أجدرت الأرض . وأجدر الشجر ، فهو جدر حتى يطول ، فإذا طال تفرقت أسماؤه . وجدر : موضع بالشام ، وفي الصحاح : قرية بالشام تنسب إليها الخمر ؛ قال أبو ذؤيب :


                                                          فما إن رحيق سبتها التجا     ر من أذرعات فوادي جدر



                                                          وخمر جيدرية : منسوب إليها ، على غير قياس ؛ قال معبد بن سعنة :


                                                          ألا يا اصبحاني قبل لوم العواذل     وقبل وداع من ربيبة عاجل
                                                          ألا يا اصبحاني فيهجا جيدرية     بماء سحاب يسبق الحق باطلي



                                                          وهذا البيت أورده الجوهري ، ألا يا اصبحينا ، والصواب ما أوردناه ؛ لأنه يخاطب صاحبيه . قال ابن بري : والفيهج هنا الخمر ، وأصله ما يكال به الخمر ، ويعني بالحق الموت والقيامة ، وقد قيل : إن جيدرا موضع هنالك أيضا ، فإن كانت الخمر الجيدرية منسوبة إليه فهو نسب قياسي . وفي الحديث ذكر ذي الجدر - بفتح الجيم وسكون الدال - مسرح على ستة أميال من المدينة ، كانت فيه لقاح النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أغير عليها . والجيدر والجيدري والجيدران : القصير ، وقد يقال له جيدرة على المبالغة ، وقال الفارسي : وهذا كما قالوا له دحداحة ، ودنبة ، وحنزقرة . وامرأة جيدرة وجيدرية ؛ أنشد يعقوب :


                                                          ثنت عنقا لم تثنها جيدرية     عضاد ولا مكنوزة اللحم ضمزر



                                                          والتجدير : القصر ، ولا فعل له ؛ قال :


                                                          إني لأعظم في صدر الكمي على     ما كان في من التجدير والقصر



                                                          أعاد المعنيين لاختلاف اللفظين ، كما قال :


                                                          وهند أتى من دونها النأي والبعد



                                                          الجوهري : وجندرت الكتاب إذا أمررت القلم على ما درس منه ليتبين ؛ وكذلك الثوب إذا أعدت وشيه بعدما كان ذهب ، قال : وأظنه معربا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية