الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جدد ]

                                                          جدد : الجد أبو الأب وأبو الأم - معروف - والجمع أجداد وجدود . والجدة : أم الأم وأم الأب ، وجمعها جدات . والجد : البخت والحظوة . والجد : الحظ والرزق ؛ يقال : فلان ذو جد في كذا أي : ذو حظ ، وفي حديث القيامة : قال - صلى الله عليه وسلم - : قمت على باب الجنة فإذا عامة من يدخلها الفقراء ، وإذا أصحاب الجد محبوسون أي : ذوو الحظ والغنى في الدنيا ؛ وفي الدعاء : لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، أي : من كان له حظ في الدنيا لم ينفعه ذلك منه في الآخرة ، والجمع أجداد ، وأجد وجدود ؛ عن سيبويه . وقال الجوهري : أي : لا ينفع ذا الغنى عندك غناه ، وإنما ينفعه العمل بطاعتك ، ومنك معناه عندك أي : لا ينفع ذا الغنى منك غناه ؛ وقال أبو عبيد : في هذا الدعاء الجد - بفتح الجيم لا غير - وهو الغنى والحظ ؛ قال : ومنه قيل لفلان في هذا الأمر جد إذا كان مرزوقا منه فتأول قوله : لا ينفع ذا الجد منك الجد أي : لا ينفع ذا الغنى عنك غناه ، إنما ينفعه الإيمان والعمل الصالح بطاعتك ؛ قال : وهكذا قوله : يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ؛ وكقوله تعالى : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ؛ قال عبد الله محمد بن المكرم : تفسير أبي عبيد هذا الدعاء بقوله أي : لا ينفع ذا الغنى عنك غناه ؛ فيه جراءة في اللفظ ، وتسمح في العبارة ، وكان في قوله أي : لا ينفع ذا الغنى غناه كفاية في الشرح وغنية عن قوله عنك ، أو كان يقول كما قال غيره أي : لا ينفع ذا الغنى منك غناه ؛ وأما قوله : ذا الغنى عنك فإن فيه تجاسرا في النطق ، وما أظن أن أحدا في الوجود يتخيل أن له غنى عن الله تبارك وتعالى قط ، بل أعتقد أن فرعون والنمروذ وغيرهما ممن ادعى الإلهية إنما هو يتظاهر بذلك ، وهو يتحقق في باطنه فقره ، واحتياجه إلى خالقه ، الذي خلقه ودبره في حال صغر سنه وطفوليته ، وحمله في بطن أمه قبل أن يدرك غناه أو فقره ، ولا سيما إذا احتاج إلى طعام أو شراب أو اضطر إلى إخراجهما ، أو تألم لأيسر شيء يصيبه من موت محبوب له ، بل من موت عضو من أعضائه ، بل من عدم نوم أو غلبة نعاس أو غصة ريق أو عضة بق ، مما يطرأ أضعاف ذلك على المخلوقين ، فتبارك الله رب العالمين ؛ قال أبو عبيد : وقد زعم بعض الناس أنما هو ولا ينفع ذا الجد منك الجد ، والجد إنما هو الاجتهاد في العمل ؛ قال : وهذا التأويل خلاف ما دعا إليه المؤمنين [ ص: 90 ] ووصفهم به ؛ لأنه قال في كتابه العزيز : ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا ؛ فقد أمرهم بالجد والعمل الصالح وحمدهم عليه ، فكيف يحمدهم عليه وهو لا ينفعهم ؟ وفلان صاعد الجد : معناه البخت والحظ في الدنيا . ورجل جد - بضم الجيم - أي : مجدود عظيم الجد ، قال سيبويه : والجمع جدون ولا يكسر ، وكذلك جد وجدي ومجدود وجديد . وقد جد وهو أجد منك أي : أحظ ؛ قال ابن سيده : فإن كان هذا من مجدود فهو غريب ؛ لأن التعجب في معتاد الأمر إنما هو من الفاعل لا من المفعول ، وإن كان من جديد ، وهو حينئذ في معنى مفعول فكذلك أيضا ، وأما إن كان من جديد في معنى فاعل فهذا هو الذي يليق بالتعجب ، أعني أن التعجب إنما هو من الفاعل في الغالب كما قلنا . أبو زيد : رجل جديد إذا كان ذا حظ من الرزق ، ورجل مجدود مثله . ابن بزرج : يقال هم يجدون بهم ، ويحظون بهم ، أي : يصيرون ذا حظ وغنى . وتقول : جددت يا فلان أي : صرت ذا جد ، فأنت جديد حظيظ ومجدود محظوظ . وجد : حظ . وجدي : حظي ؛ عن ابن السكيت . وجددت بالأمر جدا : حظيت به خيرا كان أو شرا . والجد : العظمة . وفي التنزيل العزيز : وأنه تعالى جد ربنا ؛ قيل : جده عظمته ، وقيل غناه ، وقال مجاهد : جد ربنا جلال ربنا ، وقال بعضهم : عظمة ربنا ، وهما قريبان من السواء . قال ابن عباس : لو علمت الجن أن في الإنس جدا ما قالت : تعالى جد ربنا ؛ معناه : أن الجن لو علمت أن أبا الأب في الإنس يدعى جدا ما قالت الذي أخبر الله عنه في هذه السورة عنها ؛ وفي حديث الدعاء : تبارك اسمك وتعالى جدك أي : علا جلالك وعظمتك . والجد : الحظ والسعادة والغنى . وفي حديث أنس : أنه كان الرجل منا إذا حفظ البقرة وآل عمران جد فينا أي : عظم في أعيننا وجل قدره فينا وصار ذا جد ، وخص بعضهم بالجد عظمة الله - عز وجل - ، وقول أنس هذا يرد ذلك ؛ لأنه قد أوقعه على الرجل . والعرب تقول : سعي بجد فلان وعدي بجده وأحضر بجده وأدرك بجده إذا كان جده جيدا . وجد فلان في عيني يجد جدا - بالفتح - : عظم . وجدة النهر وجدته : ما قرب منه من الأرض ، وقيل : جدته وجدته وجده وجده ضفته وشاطئه ؛ الأخيرتان عن ابن الأعرابي . الأصمعي : كنا عند جدة النهر - بالهاء - وأصله نبطي أعجمي ، كد فأعربت ؛ وقال أبو عمرو : كنا عند أمير فقال جبلة بن مخرمة : كنا عند جد النهر ، فقلت : جدة النهر فما زلت أعرفهما فيه . والجد والجدة : ساحل البحر بمكة . وجدة : اسم موضع قريب من مكة مشتق منه . وفي حديث ابن سيرين : كان يختار الصلاة على الجد إن قدر عليه الجد - بالضم - : شاطئ النهر والجدة أيضا ، وبه سميت المدينة التي عند مكة جدة . وجدة كل شيء : طريقته . وجدته : علامته ؛ عن ثعلب . والجدة : الطريقة في السماء والجبل ، وقيل : الجدة الطريقة ، والجمع جدد ؛ وقوله - عز وجل - : جدد بيض وحمر ؛ أي : طرائق تخالف لون الجبل ؛ ومنه قولهم : ركب فلان جدة من الأمر إذا رأى فيه رأيا . قال الفراء : الجدد الخطط والطرق ، تكون في الجبال خطط بيض وسود وحمر كالطرق ، واحدها جدة ؛ وأنشد قول امرئ القيس :


                                                          كأن سراته وجدة متنه كنائن يجري فوقهن دليص



                                                          قال : والجدة الخطة السوداء في متن الحمار . وفي الصحاح : الجدة الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه . قال الزجاج : كل طريقة جدة وجادة . قال الأزهري : وجادة الطريق سميت جادة ؛ لأنها خطة مستقيمة ملحوبة ، وجمعها الجواد . الليث : الجاد يخفف ويثقل ، أما التخفيف فاشتقاقه من الجواد إذا أخرجه على فعله ، والمشدد مخرجه من الطريق الجديد الواضح ؛ قال أبو منصور : قد غلط الليث في الوجهين معا . أما التخفيف فما علمت أحدا من أئمة اللغة أجازه ولا يجوز أن يكون فعله من الجواد بمعنى السخي ، وأما قوله إذا شدد فهو من الأرض الجدد ، فهو غير صحيح ، إنما سميت المحجة المسلوكة جادة ؛ لأنها ذات جدة وجدود ، وهي طرقاتها وشركها المخططة في الأرض ، وكذلك قال الأصمعي ؛ وقال في قول الراعي :


                                                          فأصبحت الصهب العتاق وقد بدا     لهن المنار والجواد اللوائح



                                                          قال : أخطأ الراعي حين خفف الجواد ، وهي جمع الجادة من الطرق التي بها جدد . والجدة أيضا : شاطئ النهر إذا حذفوا الهاء كسروا الجيم ، فقالوا جد ومنه الجدة ، ساحل البحر بحذاء مكة . وجد كل شيء : جانبه . والجد والجد والجديد والجدد : كله وجه الأرض ؛ وفي الحديث : ما على جديد الأرض ، أي : ما على وجهها ، وقيل : الجدد الأرض الغليظة ، وقيل : الأرض الصلبة ، وقيل : المستوية . وفي المثل : من سلك الجدد أمن العثار ؛ يريد من سلك طريق الإجماع ، فكنى عنه بالجدد . وأجد القوم إذا صاروا إلى الجدد . وأجد الطريق إذا صار جددا . وجديد الأرض : وجهها ؛ قال الشاعر :


                                                          حتى إذا ما خر لم يوسد     إلا جديد الأرض أو ظهر اليد



                                                          الأصمعي : الجدجد الأرض الغليظة . وقال ابن شميل : الجدد ما استوى من الأرض وأصحر ؛ قال : والصحراء جدد والفضاء جدد ؛ لا وعث فيه ، ولا جبل ، ولا أكمة ، ويكون واسعا ، وقليل السعة ، وهي أجداد الأرض ؛ وفي حديث ابن عمر : كان لا يبالي أن يصلي في المكان الجدد أي : المستوي من الأرض ؛ وفي حديث أسر عقبة بن أبي معيط : فوحل به فرسه في جدد من الأرض . ويقال : ركب فلان جدة من الأمر أي : طريقة ورأيا رآه . والجدجد : الأرض الملساء . والجدجد : الأرض الغليظة . والجدجد : الأرض الصلبة - بالفتح - ، وفي الصحاح : الأرض الصلبة المستوية ؛ وأنشد لابن أحمر الباهلي :


                                                          يجني بأوظفة شداد أسرها     صم السنابك لا تقي بالجدجد



                                                          وأورد الجوهري عجزه صم السنابك - بالضم - ؛ قال ابن بري : وصواب إنشاده صم - بالكسر - . والوظائف : مستدق الذراع والساق . وأسرها : شدة خلقها . وقوله : لا تقي بالجدجد أي : لا تتوقاه [ ص: 91 ] ولا تهيبه . وقال أبو عمرو : الجدجد الفيف الأملس ؛ وأنشد :


                                                          كفيض الأتي على الجدجد



                                                          والجدد من الرمل : ما استرق منه وانحدر . وأجد القوم : علوا جديد الأرض أو ركبوا جدد الرمل ؛ أنشد ابن الأعرابي :


                                                          أجددن واستوى بهن السهب     وعارضتهن جنوب نعب



                                                          النعب : السريعة المر ؛ عن ابن الأعرابي . والجادة : معظم الطريق ، والجمع جواد ؛ وفي حديث عبد الله بن سلام : وإذا جواد منهج عن يميني ، الجواد : الطرق واحدها جادة ، وهي سواء الطريق ، وقيل : معظمه ، وقيل : وسطه ، وقيل : هي الطريق الأعظم الذي يجمع الطرق ولا بد من المرور عليه . ويقال للأرض المستوية التي ليس فيها رمل ولا اختلاف : جدد . قال الأزهري : والعرب تقول هذا طريق جدد إذا كان مستويا لا حدب فيه ولا وعوثة . وهذا الطريق أجد الطريقين أي : أوطؤهما وأشدهما استواء وأقلهما عدواء . وأجدت لك الأرض إذا انقطع عنك الخبار ووضحت . وجادة الطريق : مسلكه ، وما وضح منه ؛ وقال أبو حنيفة : الجادة الطريق إلى الماء ، والجد بلا هاء : البئر الجيدة الموضع من الكلأ - مذكر - ، وقيل : هي البئر المغزرة ؛ وقيل : الجد القليلة الماء . والجد - بالضم - : البئر التي تكون في موضع كثير الكلأ ؛ قال الأعشى يفضل عامرا على علقمة :


                                                          ما جعل الجد الظنون الذي     جنب صوب اللجب الماطر
                                                          مثل الفراتي إذا ما طمى     يقذف بالبوصي والماهر



                                                          وجدة : بلد على الساحل . والجد : الماء القليل ، وقيل : هو الماء يكون في طرف الفلاة ؛ وقال ثعلب : هو الماء القديم ؛ وبه فسر قول أبي محمد الحذلمي :


                                                          ترعى إلى جد لها مكين



                                                          والجمع من ذلك كله أجداد ، قال أبو عبيد : وجاء في الحديث فأتينا على جدجد متدمن ؛ قيل : الجدجد - بالضم - : البئر الكثيرة الماء . قال أبو عبيد : الجدجد لا يعرف إنما المعروف الجد ، وهي البئر الجيدة الموضع من الكلأ . اليزيدي : الجدجد الكثيرة الماء ؛ قال أبو منصور : وهذا مثل الكمكمة للكم ، والرفرف للرف . ومفازة جداء : يابسة ، قال :


                                                          وجداء لا يرجى بها ذو قرابة     لعطف ولا يخشى السماة ربيبها



                                                          السماة : الصيادون . وربيبها : وحشها ؛ أي : أنه لا وحش بها ، فيخشى القانص ، وقد يجوز أن يكون بها وحش لا يخاف القانص لبعدها وإخافتها ، والتفسيران للفارسي . وسنة جداء : محلة ، وعام أجد . وشاة جداء : قليلة اللبن يابسة الضرع ، وكذلك الناقة والأتان ، وقيل : الجداء من كل حلوبة الذاهبة اللبن عن عيب ، والجدودة : القليلة اللبن من غير عيب ، والجمع جدائد وجداد . ابن السكيت : الجدود النعجة التي قل لبنها من غير بأس ، ويقال للعنز مصور ، ولا يقال جدود . أبو زيد : يجمع الجدود من الأتن جدادا ؛ قال الشماخ :


                                                          من الحقب لاحته الجداد الغوارز



                                                          وفلاة جداء : لا ماء بها . الأصمعي : جدت أخلاف الناقة إذا أصابها شيء يقطع أخلافها . وناقة جدود ، وهي التي انقطع لبنها . قال : والمجددة المصرمة الأطباء ، وأصل الجد القطع . شمر : الجداء الشاة التي انقطعت أخلافها ، وقال خالد : هي المقطوعة الضرع ، وقيل : هي اليابسة الأخلاف إذا كان الصرار قد أضر بها ؛ وفي حديث الأضاحي لا يضحى بجداء ؛ الجداء : لا لبن لها من كل حلوبة لآفة أيبست ضرعها . وتجدد الضرع : ذهب لبنه . أبو الهيثم : ثدي أجد إذا يبس ، وجد الثدي والضرع وهو يجد جددا . وناقة جداء : يابسة الضرع ، ومن أمثالهم : . . . ولا تر . . . التي جد ثدياها أي : يبسا . الجوهري : جدت أخلاف الناقة إذا أضر بها الصرار وقطعها فهي ناقة مجددة الأخلاف . وتجدد الضرع : ذهب لبنه . وامرأة جداء : صغيرة الثدي . وفي حديث علي في صفة امرأة قال : إنها جداء أي : قصيرة الثديين . وجد الشيء يجده جدا : قطعه . والجداء من الغنم والإبل : المقطوعة الأذن . وفي التهذيب : والجداء الشاة المقطوعة الأذن . وجددت الشيء أجده - بالضم - جدا : قطعته . وحبل جديد : مقطوع ؛ قال :


                                                          أبى حبي سليمى أن يبيدا     وأمسى حبلها خلقا جديدا



                                                          أي مقطوعا ؛ ومنه : ملحفة جديد ، بلا هاء ؛ لأنها بمعنى مفعولة . ابن سيده : يقال : ملحفة جديد ، وجديدة حين جدها الحائك أي : قطعها . وثوب جديد ، وهو في معنى مجدود ، يراد به حين جده الحائك أي : قطعه . والجدة : نقيض البلى يقال : شيء جديد ، والجمع أجدة وجدد وجدد ؛ وحكى اللحياني : أصبحت ثيابهم خلقانا ، وخلقهم جددا ، أراد وخلقانهم جددا ، فوضع الواحد موضع الجمع ، وقد يجوز أراد : وخلقهم جديدا فوضع الجمع موضع الواحد ، وكذلك الأنثى . وقد قالوا : ملحفة جديدة ، قال سيبويه : وهي قليلة . وقال أبو علي وغيره : جد الثوب والشيء يجد - بالكسر - صار جديدا ، وهو نقيض الخلق ، وعليه وجه قول سيبويه : ملحفة جديدة ، لا على ما ذكرنا من المفعول . وأجد ثوبا واستجده : لبسه جديدا ؛ قال :


                                                          وخرق مهارق ذي لهله     أجد الأوام به مظؤه



                                                          هو من ذلك أي : جدد ، وأصل ذلك كله القطع ، فأما ما جاء منه في غير ما يقبل القطع فعلى المثل بذلك ، كقولهم : جدد الوضوء والعهد . وكساء مجدد : فيه خطوط مختلفة . ويقال : كبر فلان ثم أصاب فرحة وسرورا ، فجد جده كأنه صار جديدا . قال : والعرب تقول ملاءة جديد ، بغير هاء ؛ لأنها بمعنى مجدودة أي : مقطوعة . وثوب جديد : جد حديثا أي : قطع . ويقال للرجل إذا لبس ثوبا جديدا : أبل وأجد [ ص: 92 ] واحمد الكاسي . ويقال : بهي بيت فلان ثم أجد بيتا ، زاد في الصحاح : من شعر ؛ وقال لبيد :


                                                          تحمل أهلها وأجد فيها     نعاج الصيف أخبية الظلال



                                                          والجدة : مصدر الجديد . وأجد ثوبا واستجده . وثياب جدد : مثل سرير وسرر . وتجدد الشيء : صار جديدا . وأجده وجدده واستجده أي : صيره جديدا . وفي حديث أبي سفيان : جد ثديا أمك ! أي : قطعا من الجد القطع ، وهو دعاء عليه . الأصمعي : يقال جد ثدي أمه ، وذلك إذا دعي عليه بالقطيعة ؛ وقال الهذلي :


                                                          رويد عليا جد ما ثدي أمهم     إلينا ولكن ودهم متماين



                                                          قال الأزهري : وتفسير البيت أن عليا قبيلة من كنانة ، كأنه قال : رويدك عليا ، أي : أرود بهم وارفق بهم ، ثم قال جد ثدي أمهم إلينا أي : بيننا وبينهم خئولة رحم وقرابة من قبل أمهم ، وهم منقطعون إلينا بها ، وإن كان في ودهم لنا مين أي : كذب وملق . الأصمعي : يقال للناقة إنها لمجدة بالرحل إذا كانت جادة في السير . قال الأزهري : لا أدري أقال : مجدة أو مجدة ؛ فمن قال : مجدة ؛ فهي من جد يجد ، ومن قال : مجدة ؛ فهي من أجدت . والأجدان والجديدان : الليل والنهار ، وذلك لأنهما لا يبليان أبدا ؛ ويقال : لا أفعل ذلك ما اختلف الأجدان والجديدان أي : الليل والنهار ؛ فأما قول الهذلي :


                                                          وقالت لن ترى أبدا تليدا     بعينك آخر الدهر الجديد



                                                          فإن ابن جني قال : إذا كان الدهر أبدا جديدا فلا آخر له ، ولكنه جاء على أنه لو كان له آخر لما رأيته فيه . والجديد : ما لا عهد لك به ، ولذلك وصف الموت بالجديد - هذلية - قال أبو ذؤيب :


                                                          فقلت لقلبي يا لك الخير إنما     يدليك للموت الجديد حبابها



                                                          وقال الأخفش والمغافص الباهلي : جديد الموت أوله . وجد النخل يجده جدا وجدادا وجدادا ؛ عن اللحياني : صرمه . وأجد النخل : حان له أن يجد . والجداد والجداد : أوان الصرام . والجد : مصدر جد التمر يجده ؛ وفي الحديث : نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن جداد الليل ؛ الجداد : صرام النخل ، وهو قطع ثمرها ؛ قال أبو عبيد : نهى أن تجد النخل ليلا ونهيه عن ذلك لمكان المساكين ؛ لأنهم يحضرونه في النهار فيتصدق عليهم منه لقوله - عز وجل - : وآتوا حقه يوم حصاده ؛ وإذا فعل ذلك ليلا فإنما هو فار من الصدقة ؛ وقال الكسائي : هو الجداد والجداد ، والحصاد والحصاد ، والقطاف والقطاف ، والصرام والصرام ، فكأن الفعال والفعال مطردان في كل ما كان فيه معنى وقت الفعل ، مشبهان في معاقبتهما بالأوان والإوان ، والمصدر من ذلك كله على الفعل ، مثل الجد والصرم والقطف . وفي حديث أبي بكر أنه قال لابنته عائشة - رضي الله تعالى عنهما - : إني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا من النخل ، وتودين أنك خزنته ، فأما اليوم فهو مال الوارث ؛ وتأويله أنه كان نحلها في صحته نخلا كان يجد منها كل سنة عشرين وسقا ، ولم يكن أقبضها ما نحلها بلسانه ، فلما مرض رأى النحل ، وهو غير مقبوض غير جائز لها ؛ فأعلمها أنه لم يصح لها ، وأن سائر الورثة شركاؤها فيها . الأصمعي : يقال لفلان أرض جاد مائة وسق أي : تخرج مائة وسق إذا زرعت ، وهو كلام عربي . وفي الحديث أنه أوصى بجاد مائة وسق للأشعريين ، وبجاد مائة وسق للشيبيين ؛ الجاد : بمعنى المجدود أي : نخلا يجد منه ما يبلغ مائة وسق . وفي الحديث : من ربط فرسا فله جاد مائة وخمسين وسقا ؛ قال ابن الأثير : كان هذا في أول الإسلام لعزة الخيل وقلتها عندهم . وقال اللحياني : جدادة النخل وغيره ما يستأصل . وما عليه جدة وجدة أي : خرقة . والجدة : قلادة في عنق الكلب ، حكاه ثعلب ؛ وأنشد :


                                                          لو كنت كلب قنيص كنت ذا جدد     تكون أربته في آخر المرس



                                                          وجديدتا السرج والرحل : اللبد الذي يلزق بهما من الباطن . الجوهري : جديدة السرج ما تحت الدفتين من الرفادة واللبد الملزق ، وهما جديدتان ؛ قال : هذا مولد والعرب تقول جدية السرج . وفي الحديث : لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا جادا ، أي : لا يأخذه على سبيل الهزل ، يريد لا يحبسه فيصير ذلك الهزل جدا . والجد : نقيض الهزل . جد في الأمر يجد ويجد - بالكسر والضم - جدا ، وأجد : حقق . وعذاب جد : محقق مبالغ فيه . وفي القنوت : ونخشى عذابك الجد . وجد في أمره يجد ويجد جدا ، وأجد : حقق . والمجادة : المحاقة . وجاده في الأمر أي : حاقه . وفلان محسن جدا ، وهو على جد أمر أي : عجلة أمر . والجد : الاجتهاد في الأمور . وفي الحديث : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا جد في السير جمع بين الصلاتين ، أي : اهتم به ، وأسرع فيه . وجد به الأمر ، وأجد إذا اجتهد . وفي حديث أحد : لئن أشهدني الله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل المشركين ليرين الله ما أجد أي : ما أجتهد . الأصمعي : يقال أجد الرجل في أمره يجد إذا بلغ فيه جده ، وجد لغة ؛ ومنه يقال : فلان جاد مجد أي : مجتهد . وقال : أجد يجد إذا صار ذا جد واجتهاد . وقولهم : أجد بها أمرا أي : أجد أمره بها ، نصب على التمييز ، كقولك : قررت به عينا أي : قرت عيني به ؛ وقولهم : في هذا خطر جد عظيم أي : عظيم جدا . وجد به الأمر : اشتد ؛ قال أبو سهم :


                                                          أخالد لا يرضى عن العبد ربه     إذا جد بالشيخ العقوق المصمم



                                                          الأصمعي : أجد فلان أمره بذلك أي : أحكمه ؛ وأنشد :


                                                          أجد بها أمرا وأيقن أنه     لها أو لأخرى كالطحين ترابها



                                                          قال أبو نصر : حكي لي عنه أنه قال : أجد بها أمرا معناه أجد أمره ، قال : والأول سماعي منه . ويقال : جد فلان في أمره إذا كان ذا حقيقة ومضاء . وأجد فلان السير إذا انكمش فيه . أبو عمرو : أجدك وأجدك معناهما ما لك أجدا منك ، ونصبهما على المصدر ؛ قال [ ص: 93 ] الجوهري : معناهما واحد ، ولا يتكلم به إلا مضافا . الأصمعي : أجدك معناه أبجد هذا منك ؛ ونصبهما - بطرح الباء - ، الليث : من قال أجدك - بكسر الجيم - فإنه يستحلفه بجده وحقيقته ، وإذا فتح الجيم استحلفه بجده وهو بخته . قال ثعلب : ما أتاك في الشعر من قولك أجدك فهو - بالكسر - فإذا أتاك بالواو وجدك فهو مفتوح ، وفي حديث قس :


                                                          أجدكما لا تقضيان كراكما



                                                          أي أبجد منكما ، وهو نصب على المصدر . وأجدك لا تفعل كذا وأجدك إذا كسر الجيم استحلفه بجده وبحقيقته وإذا فتحها استحلفه بجده وببخته ؛ قال سيبويه : أجدك مصدر كأنه قال أجدا منك ، ولكنه لا يستعمل إلا مضافا ؛ قال : وقالوا هذا عربي جدا ، نصبه على المصدر ؛ لأنه ليس من اسم ما قبله ولا هو هو ؛ قال : وقالوا هذا العالم جد العالم ، وهذا عالم جد عالم ، يريد بذلك التناهي ، وأنه قد بلغ الغاية فيما يصفه به من الخلال . وصرحت بجد وجدان وجداء وبجلدان وجلداء ؛ يضرب هذا مثلا للأمر إذا بان وصرح ؛ وقال اللحياني : صرحت بجدان وجدى أي : بجد . الأزهري : ويقال صرحت بجداء غير منصرف ، وبجد منصرف ، وبجد غير مصروف ، وبجدان وبجذان ، وبقدان وبقذان ، وبقردحمة وبقذحمة ، وأخرج اللبن رغوته ، كل هذا في الشيء إذا وضح بعد التباسه . ويقال : جدان وجلدان صحراء ، يعني برز الأمر إلى الصحراء بعدما كان مكتوما . والجداد : صغار الشجر ؛ حكاه أبو حنيفة ؛ وأنشد للطرماح :


                                                          تجتني ثامر جداده     من فرادى برم أو تؤام



                                                          والجداد : صغار العضاه ، وقال أبو حنيفة : صغار الطلح ، الواحدة من كل ذلك جدادة . وجداد الطلح : صغاره . وكل شيء تعقد بعضه في بعض من الخيوط وأغصان الشجر ، فهو جداد ؛ وأنشد بيت الطرماح . والجداد : صاحب الحانوت الذي يبيع الخمر ويعالجها ، ذكره ابن سيده ، وذكره الأزهري عن الليث ؛ وقال الأزهري : هذا حاق التصحيف الذي يستحيي من مثله من ضعفت معرفته ، فكيف بمن يدعي المعرفة الثاقبة ؟ وصوابه بالحاء . والجداد : الخلقان من الثياب ، وهو معرب كداد بالفارسية . والجداد : الخيوط المعقدة ، يقال لها : كداد بالنبطية ؛ قال الأعشى يصف خمارا :


                                                          أضاء مظلته بالسرا     ج والليل غامر جدادها



                                                          الأزهري : كانت في الخيوط ألوان فغمرها الليل بسواده فصارت على لون واحد . الأصمعي : الجداد في قول المسيب بن علس :


                                                          فعل السريعة بادرت جدادها     قبل المساء يهم بالإسراع



                                                          السريعة : المرأة التي تسرع . وجدود : موضع بعينه ، وقيل : هو موضع فيه ماء يسمى الكلاب ، وكانت فيه وقعة مرتين ، يقال للكلاب الأول : يوم جدود ، وهو لتغلب على بكر بن وائل ؛ قال الشاعر :


                                                          أرى إبلي عافت جدود فلم تذق     بها قطرة إلا تحلة مقسم



                                                          وجد : موضع ، حكاه ابن الأعرابي ؛ وأنشد :


                                                          فلو أنها كانت لقاحي كثيرة     لقد نهلت من ماء جد وعلت



                                                          قال : ويروى من ماء حد ، وهو مذكور في موضعه . وجداء : موضع ؛ قال أبو جندب الهذلي :


                                                          بغيتهم ما بين جداء والحشى     وأوردتهم ماء الأثيل وعاصما



                                                          والجدجد : الذي يصر بالليل ، وقال العدبس : هو الصدى ، والجندب : الجدجد ، والصرصر : صياح الليل ؛ قال ابن سيده : والجدجد دويبة على خلقة الجندب ، إلا أنها سويداء قصيرة ، ومنها ما يضرب إلى البياض ويسمى صرصرا ، وقيل : هو صرار الليل ، وهو قفاز وفيه شبه من الجراد ، والجمع الجداجد ، وقال ابن الأعرابي : هي دويبة تعلق الإهاب فتأكله ؛ وأنشد :


                                                          تصيد شبان الرجال بفاحم     غداف وتصطادين عشا وجدجدا



                                                          وفي حديث عطاء في الجدجد يموت في الوضوء قال : لا بأس به ؛ قال : هو حيوان كالجراد يصوت بالليل ، قيل هو الصرصر . والجدجد : بثرة تخرج في أصل الحدقة . وكل بثرة في جفن العين تدعى : الظبظاب . والجدجد : الحر ؛ قال الطرماح :


                                                          حتى إذا صهب الجنادب ودعت     نور الربيع ولاحهن الجدجد



                                                          والأجداد : أرض لبني مرة وأشجع وفزارة ؛ قال عروة بن الورد :


                                                          فلا وألت تلك النفوس ولا أتت     على روضة الأجداد وهي جميع



                                                          وفي قصة حنين : كإمرار الحديد على الطست ، وهي مؤنثة بالجديد ، وهو مذكر إما لأن تأنيثها غير حقيقي فأولها على الإناء والظرف ، أو لأن فعيلا يوصف به المؤنث بلا علامة تأنيث كما يوصف المذكر ، نحو امرأة قتيل وكف خضيب ، وكقوله - عز وجل - : إن رحمة الله قريب . وفي حديث الزبير : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : احبس الماء حتى يبلغ الجد ، قال : هي هاهنا المسناة ، وهو ما وقع حول المزرعة كالجدار ، وقيل : هو لغة في الجدار ، ويروى الجدر - بالضم - جمع جدار ، ويروى بالذال ، وسيأتي ذكره .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية