الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جزز ]

                                                          جزز : الجزز : الصوف لم يستعمل بعدما جز ، تقول : صوف جزز . وجز الصوف والشعر والنخل والحشيش يجزه جزا ، وجزة حسنة ؛ هذه عن اللحياني ، فهو مجزوز وجزيز واجتزه : قطعه ; أنشد ثعلب والكسائي ليزيد بن الطثرية :


                                                          وقلت لصاحبي لا تحبسنا بنزع أصوله واجتز شيحا

                                                          ويروى : واجدز ، وذكر الجوهري أن البيت ليزيد بن الطثرية ، وذكره ابن سيده ولم ينسبه لأحد بل قال : وأنشد ثعلب ; قال ابن بري : ليس هو ليزيد ، وإنما هو لمضرس بن ربعي الأسدي ، وقبله :


                                                          وفتيان شويت لهم شواء     سريع الشي كنت به نجيحا
                                                          فطرت بمنصل في يعملات     دوامي الأيد يخبطن السريحا
                                                          وقلت لصاحبي لا تحبسنا     بنزع أصوله واجتز شيحا

                                                          قال : والبيت كذا في شعره ، والضمير في به يعود على الشيء . والنجيح : المنجح في عمله . والمنصل : السيف . واليعملات : النوق . والدوامي : التي قد دميت أيديها من شدة السير . والسريح : خرق أو جلود تشد على أخفافها إذا دميت . وقوله : لا تحبسنا بنزع أصوله ، يقول : لا تحبسنا عن شي اللحم بأن تقلع أصول الشجر بل خذ ما تيسر من قضبانه وعيدانه ، وأسرع لنا في شيه ، ويروى : لا تحبسانا ، وقال في معناه : إن العرب ربما خاطبت الواحد بلفظ الاثنين ، كما قال سويد بن كراع العكلي ، وكان سويد هذا هجا بني عبد الله بن دارم فاستعدوا عليه سعيد بن عثمان فأراد ضربه فقال سويد قصيدة أولها :


                                                          تقول ابنة العوفي ليلى ألا ترى     إلى ابن كراع لا يزال مفزعا
                                                          مخافة هذين الأميرين سهدت     رقادي وغشتني بياضا مقزعا
                                                          فإن أنتما أحكمتماني فازجرا     أراهط تؤذيني من الناس رضعا
                                                          وإن تزجراني يا ابن عفان أنزجر     وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا

                                                          قال : وهذا يدل على أنه خاطب اثنين سعيد بن عثمان ومن ينوب عنه ، أو يحضر معه . وقوله : فإن أنتما أحكمتماني دليل أيضا على أنه يخاطب اثنين . وقوله أحكمتماني أي : منعتماني من هجائه ، وأصله من أحكمت الدابة إذا جعلت فيها حكمة اللجام ; وقوله :


                                                          وإن تدعاني أحم عرضا ممنعا

                                                          أي إن تركتماني حميت عرضي ممن يؤذيني ، وإن زجرتماني انزجرت وصبرت . والرضع : جمع راضع ، وهو اللئيم ، وخص ابن دريد به الصوف ; والجزز والجزاز والجزازة والجزة : ما جز منه . وقال أبو [ ص: 140 ] حاتم : الجزة صوف نعجة أو كبش إذا جز فلم يخالطه غيره ، والجمع جزز وجزائز ; عن اللحياني ، وهذا كما قالوا ضرة وضرائر ، ولا تحتفل باختلاف الحركتين . ويقال : هذه جزة هذه الشاة أي : صوفها المجزوز عنها . ويقال : قد جززت الكبش والنعجة ، ويقال في العنز والتيس : حلقتهما ، ولا يقال جززتهما . والجزة : صوف شاة في السنة . يقال : أقرضني جزة أو جزتين فتعطيه صوف شاة أو شاتين . وفي حديث حماد في الصوم : وإن دخل حلقك جزة فلا تضرك ; الجزة - بالكسر - : ما يجز من صوف الشاة في كل سنة ، وهو الذي لم يستعمل بعدما جز ; ومنه حديث قتادة - رضي الله عنه - في اليتيم : تكون له ماشية يقوم وليه على إصلاحها ، ويصيب من جززها ورسلها . وجزازة كل شيء : ما جز منه والجزوز - بغير هاء - : الذي يجز ; عن ثعلب . والمجز : ما يجز به . والجزوز والجزوزة من الغنم : التي يجز صوفها ; قال ثعلب : ما كان من هذا الضرب اسما فإنه لا يقال إلا - بالهاء - كالقتوبة والركوبة والحلوبة والعلوفة ، أي : هي مما يجز ، وأما اللحياني فقال : إن هذا الضرب من الأسماء يقال - بالهاء وبغير الهاء - قال : وجمع ذلك كله على فعل وفعائل ; قال ابن سيده : وعندي أن فعلا إنما هو لما كان من هذا الضرب بغير هاء كركوب ، وركب وأن فعائل إنما هو لما كان - بالهاء - كركوبة وركائب . وأجز الرجل : جعل له جزة الشاة . وأجز القوم : حان جزاز غنمهم . ويقال للرجل الضخم اللحية : كأنه عاض على جزة ، أي : على صوف شاة جزت . والجز : جز الشعر والصوف والحشيش ونحوه . وجز النخلة يجزها جزا وجزازا وجزازا ; عن اللحياني : صرمها . وجز النخل وأجز : حان أن يجز أي : يقطع ثمره ويصرم ; قال طرفة :


                                                          أنتم نخل نطيف به     فإذا ما جز نجترمه

                                                          ويروى : فإذا أجز . وجز الزرع ، وأجز : حان أن يزرع . والجزاز والجزاز : وقت الجز . والجزاز : حين تجز الغنم . والجزاز والجزاز أيضا : الحصاد . الليث : الجزاز كالحصاد واقع على الحين والأوان . يقال : أجز النخل وأحصد البر . وقال الفراء : جاءنا وقت الجزاز والجزاز أي : زمن الحصاد وصرام النخل . وأجز النخل والبر والغنم أي : حان لها أن تجز . وأجز القوم إذا أجزت غنمهم أو زرعهم . واستجز البر أي : استحصد . واجتززت الشيح وغيره ، واجدززته إذا جززته . وفي الحديث : أنا إلى جزاز النخل ; هكذا ورد بزايين ، يريد به قطع التمر ، وأصله من الجز وهو قص الشعر والصوف ، والمشهور في الروايات بدالين مهملتين . وجزاز الزرع : عصفه . وجزاز الأديم : ما فضل منه ، وسقط منه ، إذا قطع واحدته جزازة . وجز التمر يجز - بالكسر - جزوزا : يبس ، وأجز مثله . وتمر فيه جزوز أي : يبس . وخرز الجزيز : شبيه بالجزع ، وقيل : هو عهن كان يتخذ مكان الخلاخيل . وعليه جزة من مال : كقولك ضرة من مال . وجزة : اسم أرض يخرج منها الدجال . والجزجزة : خصلة من صوف تشد بخيوط يزين بها الهودج . والجزاجز : خصل العهن والصوف المصبوغة تعلق على هوادج الظعائن يوم الظعن ، وهي الثكن والجزائز ; قال الشماخ :


                                                          هوادج مشدود عليها الجزائز

                                                          وقيل : الجزيز ضرب من الخرز تزين به جواري الأعراب ; قال النابغة يصف نساء شمرن عن أسؤقهن حتى بدت خلاخيلهن :


                                                          خرز الجزيز من الخدام خوارج     من فرج كل وصيلة وإزار

                                                          الجوهري : الجزيزة خصلة من صوف ، وكذلك الجزجزة وهي عهنة تعلق على الهودج ; قال الراجز :


                                                          كالقر ناست فوقه الجزاجز

                                                          والجزاجز : المذاكير ; عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          ومرقصة كففت الخيل عنها     وقد همت بإلقاء الزمام
                                                          فقلت لها ارفعي منه وسيري     وقد لحق الجزاجز بالحزام

                                                          قال ثعلب : أي : قلت لها سيري ولا تلقي بيدك وكوني آمنة ، وقد كان لحق الحزام بثيل البعير من شدة سيرها ، هكذا روي عنه ، والأجود أن يقول : وقد كان لحق ثيل البعير بالحزام على موضع البيت ، وإلا فثعلب إنما فسره على الحقيقة ; لأن الحزام هو الذي ينتقل فيلحق بالثيل ، فأما الثيل فملازم لمكانه لا ينتقل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية