الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ جهز ]

                                                          جعله اسما بإخراج ياء النسبة . قال ابن بري : جهرم قرية من قرى فارس تنسب إليها الثياب والبسط ; قال الزيادي : وقد يقال للبساط نفسه جهرم .

                                                          جهز : جهاز العروس والميت وجهازهما : ما يحتاجان إليه ، وكذلك جهاز المسافر ، يفتح ويكسر ، وقد جهزه فتجهز وجهزت العروس تجهيزا ، وكذلك جهزت الجيش . وفي الحديث : من لم يغز ولم يجهز غازيا ; تجهيز الغازي : تحميله وإعداد ما يحتاج إليه في غزوه ، ومنه تجهيز العروس ، وتجهيز الميت . وجهزت القوم تجهيزا إذا تكلفت لهم بجهازهم للسفر ، وكذلك جهاز العروس والميت ، وهو ما يحتاج له في وجهه ، وقد تجهزوا جهازا . قال الليث : وسمعت أهل البصرة يخطئون الجهاز - بالكسر - . قال الأزهري : والقراء كلهم على فتح الجيم في قوله تعالى : ولما جهزهم بجهازهم ; قال : وجهاز - بالكسر - لغة رديئة ; قال عمر بن عبد العزيز :


                                                          تجهزي بجهاز تبلغين به يا نفس قبل الردى لم تخلقي عبثا

                                                          وجهاز الراحلة : ما عليها . وجهاز المرأة : حياؤها ، وهو فرجها . وموت مجهز ؛ أي : وحي . وجهز على الجريح وأجهز : أثبت قتله . الأصمعي : أجهزت على الجريح إذا أسرعت قتله ، وقد تممت عليه . قال ابن سيده : ولا يقال : أجاز عليه إنما يقال أجاز على اسمه ؛ أي : ضرب . وموت مجهز وجهيز ؛ أي : سريع . وفي الحديث : هل تنظرون إلا مرضا مفسدا أو موتا مجهزا ؟ أي : سريعا . ومنه حديث علي - رضوان الله عليه - : لا يجهز على جريحهم ؛ أي : من صرع منهم وكفي قتاله لا يقتل ; لأنهم مسلمون والقصد من قتالهم دفع شرهم ، فإذا لم يكن ذلك إلا بقتلهم قتلوا . وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - : أنه أتى على أبي جهل وهو صريع فأجهز عليه . ومن أمثالهم في الشيء إذا نفر فلم يعد : ضرب في جهازه - بالفتح - وأصله في البعير يسقط عن ظهره القتب بأداته فيقع بين قوائمه فينفر عنه حتى يذهب في الأرض ، ويجمع على أجهزة ; قال الشاعر :


                                                          يبتن ينقلن بأجهزاتها



                                                          قال : والعرب تقول : ضرب البعير في جهازه إذا جفل فند في الأرض ، والتبط حتى طوح ما عليه من أداة وحمل . وضرب في جهاز : البعير إذا شرد . وجهزت فلانا ؛ أي : هيأت جهاز سفره . وتجهزت لأمر كذا ؛ أي : تهيأت له . وفرس جهيز : خفيف . أبو عبيدة : فرس جهيز الشد ؛ أي : سريع العدو ; وأنشد :


                                                          ومقلص عتد جهيز شده     قيد الأوابد في الرهان جواد

                                                          وجهيزة : اسم امرأة رعناء تحمق . وفي المثل : أحمق من جهيزة ، قيل : هي أم شبيب الخارجي ، كان أبو شبيب من مهاجرة الكوفة ، اشترى جهيزة من السبي ، وكانت حمراء طويلة جميلة ، فأرادها على الإسلام فأبت ، فواقعها فحملت فتحرك الولد في بطنها ، فقالت : في بطني شيء ينقز ، فقيل : أحمق من جهيزة . قال ابن بري : وهذا هو المشهور من هذا المثل : أحمق من جهيزة ، غير مصروف ، وذكر الجاحظ أنه أحمق من جهيزة بالصرف . والجهيزة : عرس الذئب ، يعنون الذئبة ، ومن حمقها أنها تدع ولدها وترضع أولاد الضبع ، كفعل النعامة ببيض غيرها ، وعلى ذلك قول ابن جذل الطعان :


                                                          كمرضعة أولاد أخرى وضيعت     بنيها فلم ترقع بذلك مرقعا

                                                          وكذلك النعامة إذا قامت عن بيضها لطلب قوتها فلقيت بيض نعامة أخرى حضنته فحمقت بذلك ; وعلى ذلك قول ابن هرمة :


                                                          وإني وتركي ندى الأكرمين     وقدحي بكفي زندا شحاحا
                                                          كتاركة بيضها بالعراء     وملبسة بيض أخرى جناها



                                                          قالوا : ويشهد لما بين الذئب والضبع من الألفة أن الضبع إذا صيدت أو قتلت فإن الذئب يكفل أولادها ويأتيها باللحم ; وأنشدوا في ذلك للكميت :


                                                          كما خامرت في حضنها أم عامر     لذي الحبل حتى عال أوس عيالها

                                                          وقيل في قولهم أحمق من جهيزة : هي الضبع نفسها ، وقيل : الجهيزة جرو الدب ، والجبس أنثاه ، وقيل : الجهيزة الدبة . وقال الليث : كانت جهيزة امرأة خليقة في بدنها رعناء يضرب بها المثل في الحمق ; وأنشد :


                                                          كأن صلا جهيزة حين قامت     حباب الماء حالا بعد حال

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية