وإذا ثبت هذا فنقول   : الإقراض جائز في كل مكيل ، أو موزون ، وكذلك في العدديات المتقاربة  كالجوز ، والبيض ; لأنها مضمونة بالمثل ، وإنما يختلفون في إقراض الخبز  فالمروي عن  أبي حنيفة    : أن ذلك لا يجوز وزنا ، ولا عددا ، وعن  أبي يوسف    : يجوز وزنا ، ولا يجوز عددا ، وعند  محمد  أنه يجوز عددا قال هشام    : فقلت له وزنا فرأيته نفر من ذلك ، واستعظمه ، وقال من يفعل ذلك ؟ وأما السلم في الخبز ، فلا يجوز عند  أبي حنيفة  ، ولا يحفظ عنهما خلاف ذلك ، ومن أصحابنا - رحمهم الله - من يقول : يجوز عندهما   على قياس السلم في اللحم ، ومنهم من يقول : لا يجوز لما علل به في النوادر عند  أبي حنيفة  قال : لأنه لا يوقف على حده معناه أنه يتفاوت بالعجن والنضج عند الخبز ، ويكون منه الخفيف ، والثقيل ، وفي كل نوع عرف . لا يحصل ذلك بالآخر ، وما لا يوقف على حده لا يجوز السلم فيه ، ثم لهذه العلة أفسد  أبو حنيفة  الاستقراض فيه ; لأن السلم أوسع من القرض حتى يجوز السلم في الثياب ، ولا يجوز الاستقراض فإذا لم يجز السلم في الخبز لهذا المعنى ; فلأن لا يجوز الاستقراض أولى  وأبو يوسف  يقول : الخبز موزون عادة ، والاستقراض في الموزونات ، وزنا يجوز ، وقد بينا في البيوع أن استقراض اللحم وزنا  يجوز فكذلك الخبز ، ولا يجوز عددا ; لأنه متفاوت ، فيه الكبير ، والصغير  ومحمد  جوز استقراضه عددا ; لأنه صنع الناس ، وقد اعتادوه ، وقد نقل ذلك عن  إبراهيم  أنه سئل عمن استقرض رغيفا فرد أصغر منه ، أو أكبر  قال : لا بأس به ، وهو عمل الناس قال  الكرخي    : وإنما استعظم  محمد  قول  [ ص: 32 ] من يقول : لا يجوز استقراضه إلا وزنا ; لأنه لا يجوز الاستقراض فيه ، وزنا ، وهذا ; لأن إعلامه بالوزن أبلغ من إعلامه بذكر العدد فإذا جاز عنده الاستقراض فيه عددا فلأن يجوز وزنا أولى ، ومن أصحابنا - رحمهم الله - من قال : بل أستعظم جواز استقراضه وزنا ; لأن القياس فيه ما قاله  أبو حنيفة  إنه لا يوقف على حده ، وإنما ترك هذا القياس محمد لتعارف الناس وذلك في استقراضه عددا فبقي استقراضه وزنا على أصل القياس . 
				
						
						
