الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا ثبت هذا فنقول : الإقراض جائز في كل مكيل ، أو موزون ، وكذلك في العدديات المتقاربة كالجوز ، والبيض ; لأنها مضمونة بالمثل ، وإنما يختلفون في إقراض الخبز فالمروي عن أبي حنيفة : أن ذلك لا يجوز وزنا ، ولا عددا ، وعن أبي يوسف : يجوز وزنا ، ولا يجوز عددا ، وعند محمد أنه يجوز عددا قال هشام : فقلت له وزنا فرأيته نفر من ذلك ، واستعظمه ، وقال من يفعل ذلك ؟ وأما السلم في الخبز ، فلا يجوز عند أبي حنيفة ، ولا يحفظ عنهما خلاف ذلك ، ومن أصحابنا - رحمهم الله - من يقول : يجوز عندهما على قياس السلم في اللحم ، ومنهم من يقول : لا يجوز لما علل به في النوادر عند أبي حنيفة قال : لأنه لا يوقف على حده معناه أنه يتفاوت بالعجن والنضج عند الخبز ، ويكون منه الخفيف ، والثقيل ، وفي كل نوع عرف . لا يحصل ذلك بالآخر ، وما لا يوقف على حده لا يجوز السلم فيه ، ثم لهذه العلة أفسد أبو حنيفة الاستقراض فيه ; لأن السلم أوسع من القرض حتى يجوز السلم في الثياب ، ولا يجوز الاستقراض فإذا لم يجز السلم في الخبز لهذا المعنى ; فلأن لا يجوز الاستقراض أولى وأبو يوسف يقول : الخبز موزون عادة ، والاستقراض في الموزونات ، وزنا يجوز ، وقد بينا في البيوع أن استقراض اللحم وزنا يجوز فكذلك الخبز ، ولا يجوز عددا ; لأنه متفاوت ، فيه الكبير ، والصغير ومحمد جوز استقراضه عددا ; لأنه صنع الناس ، وقد اعتادوه ، وقد نقل ذلك عن إبراهيم أنه سئل عمن استقرض رغيفا فرد أصغر منه ، أو أكبر قال : لا بأس به ، وهو عمل الناس قال الكرخي : وإنما استعظم محمد قول [ ص: 32 ] من يقول : لا يجوز استقراضه إلا وزنا ; لأنه لا يجوز الاستقراض فيه ، وزنا ، وهذا ; لأن إعلامه بالوزن أبلغ من إعلامه بذكر العدد فإذا جاز عنده الاستقراض فيه عددا فلأن يجوز وزنا أولى ، ومن أصحابنا - رحمهم الله - من قال : بل أستعظم جواز استقراضه وزنا ; لأن القياس فيه ما قاله أبو حنيفة إنه لا يوقف على حده ، وإنما ترك هذا القياس محمد لتعارف الناس وذلك في استقراضه عددا فبقي استقراضه وزنا على أصل القياس .

التالي السابق


الخدمات العلمية