الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ولو وكله ببيع عبد له ، أو عرض له حمل ومؤنة فاستأجر ، وخرج بها من الكوفة إلى مكة ، فباعها هناك ; أجزت البيع ; لأن الآمر بالبيع مطلق ، ففي أي موضع باعه فهو ممتثل ، ولا ألزم الآمر من الآخر شيئا ; لأنه لم يأمر بالاستئجار ، فهو متبرع فيما التزم من ذلك ، وقال في رواية أبي حفص : أجزت البيع إذا باعه بمثل ثمنه في الموضع الذي أمره ببيعه فيه ، وهذا مستقيم على أصل أبي يوسف ومحمد - رحمهما الله - ; لأن عندهما التوكيل بالبيع مطلقا ، يتقيد بالبيع بمثل القيمة ، لو باعه في ذلك الموضع ، فكذلك في موضع [ ص: 65 ] آخر ، وعند أبي حنيفة لا يتقيد بذلك إذا باعه في ذلك الموضع ، فكذلك في موضع آخر ، وأعاد هذه المسألة في كتاب الوكالة ، وقال في جوابها : لم أجز البيع ; لأنه لم يأمره بالخروج به ، اتفق على ذلك رواية أبي سليمان ، ورواية أبي حفص وهو الأصح ; لأنه لو اعتبر مطلق الأمر حتى يجوز بيعه في مكان آخر ; لكانت مؤنة النقل إلى ذلك المكان على الموكل ، كما لو أمره بالبيع في ذلك المكان ; وهذا لأن إحضار السلعة على البائع ; ليستوفي الثمن ، ويسلم المبيع ، ولا يمكن إيجاب هذه المؤنة عليه ، وربما يبلغ ذلك ثمن السلعة ، أو يزيد عليه ، فهذا دليل مقيد لمطلق الأمر بالمصر الذي يباع فيه المتاع ; فلهذا لا يجوز بيعه في مكان آخر ، بخلاف ما لا حمل له ، ولا مؤنة ، وبمثل هذا قال في الكتابين : لو ضاع ، أو سرق قبل أن يبيعه فهو ضامن له ، وبهذا تبين أنه : لا يكون مأذونا من جهته في الإخراج إلى ذلك الموضع ، وكذلك لو خرج به ، ولم يتفق له بيعه ، كانت مؤنة الرد عليه دون الآمر ، فعرفنا أنه كالغاصب في غير ذلك الموضع .

التالي السابق


الخدمات العلمية