الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وإذا كانت الدار لثلاثة نفر فشهد اثنان منهم أنهم جميعا باعوها من فلان وادعى ذلك فلان وجحد الشريك لم تجز شهادتهم على الشريك ; لأنهما بهذه الشهادة يثبتان صفة اللزوم في بيعهما ، فإن للمشتري حق الفسخ إذا لم يثبت البيع في نصيب الثالث ; لأنهما يشهدان على فعل باشراه ، فإنهم باشروا البيع صفقة واحدة وهم في ذلك كشخص واحد ، والإنسان فيما يباشر يكون خصما لا شاهدا وللشفيع أن يأخذ ثلثي الدار بالشفعة ; لأن البيع في نصيبهما ثبت بإقرارهما وإن أنكر المشتري الشراء وأقر به الشركاء جميعا فشهادتهم أيضا باطلة ; لأنهم يشهدون على فعل أنفسهم ويثبتون الثمن لهم في ذمة المشتري وللشفيع أن يأخذ الدار كلها بالشفعة لثبوت البيع في جميعها عند إقرارهم بذلك ، ولا شفعة للوكيل فيما باع ; لأن البائع لغيره في حكم العقد ، كالبائع لنفسه ، ولا شفعة للبائع ، فإن أخذه بالشفعة يكون سعيا في نقض ما قد تم به وهو الملك ، واليد للمشتري

ومن سعى في نقض ما قد تم به يبطل سعيه ; ولأنه لو ثبت له حق الشفعة امتنع من تسليمها إلى المشتري بعد ما التزم ذلك بالعقد يكون حق الشفيع مقدما ، وكذلك لا شفعة لمن بيع له ، وهو الموكل ; لأن تمام البيع به ، فإنه لولا توكيله ما جاز البيع ، فإن شهد الآمر بالبيع مع أجنبي أن المشتري ردها على البائع بالشفعة لم تجز شهادة الآمر في ذلك لكونه متهما في شهادته ، فالمشتري قبل هذا [ ص: 122 ] إذا وجد بها عيبا ردها على الوكيل وكان ذلك ردا على الموكل ويمتنع ذلك إذا قبلت شهادته على أنه ردها على البائع بالشفعة ، فيكون في هذا تبعيد الخصومة عنه ; لأن البائع لما لم يكن له الشفعة فيردها عليه كابتداء البيع منه وشهادة الآمر بالبيع على المشتري أنه باعها من غيره لا تقبل ، فأما الوكيل بالشراء له أن يأخذ ما اشترى بالشفعة ; لأن شراءه لغيره كشرائه لنفسه وشراؤه لنفسه لا يكون إبطالا للشفعة حتى إن أحد الشفعاء إذا اشترى الدار ، فهو على شفعته فيها يظهر ذلك عند مزاحمة الآخرين فكذلك شراؤه لغيره ، وهذا ; لأن الشفعة إنما تبطل بإظهار الشفيع الرغبة عن الدار لا بإظهار الرغبة فيها ، والشراء إظهار الرغبة في المشترى ، فلا يكون إبطالا للشفعة ; ولأن البائع يلتزم العهدة بالبيع فلو أخذ بالشفعة كان مبطلا ما التزم به من العهدة ، والمشتري يلتزم الثمن بالشراء ، وهو بالأخذ بالشفعة يقرر ما التزم بالشراء ولو شهد ابنا الشفيع أنه قد سلم الشفعة لم تجز شهادتهما ; لأنهما يشهدان لأبيهما بتقرر الملك ، واليد فيها .

التالي السابق


الخدمات العلمية