الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
فإن وكله بألف درهم يصرفها له ، ثم إن الموكل صرف تلك الألف فجاء الوكيل إلى بيت الموكل ، فأخذ ألفا غيرها فصرفها ، فهو جائز ; لأن التوكيل إنما حصل بالصرف بدراهم في الذمة ; إذ النقود لا تتعين في العقود ، ألا ترى أنه لو صرف تلك الدراهم كان للموكل أن يمنعها ، ويعطي غيرها ، فصرف الموكل تلك الألف بنفسه ، لا يكون تصرفا منه ، فيما تتناوله الوكالة ، فلا يوجب عزل الوكيل ، وكذلك لو كانت الأولى باقية ، وأخذ الوكيل غيرها فصرفها ; لأن الصرف انعقد بدراهم في ذمته سواء أضافه إلى تلك الألف ، أو غيرها فيكون ممتثلا أمره في ذلك ، وكذلك الدنانير ، والفلوس ، فإن قيل : أليس أن تلك الألف لو هلكت بعد التسليم إلى الوكيل ، قبل أن يصرفها بطلت الوكالة ؟ ولو لم تتعلق الوكالة بها لما بطلت الوكالة بهلاكها ، قلنا : الوكالة لا تتعلق بعينها حتى لو صرفها ، ثم هلكت قبل التسليم ، كان له أن يطالب الموكل بألف أخرى ، فأما إذا هلكت قبل أن يصرفها ، إنما بطلت الوكالة لمعنى دفع الضرر عن الموكل فربما يشق عليه أداء ألف أخرى بعد هلاك تلك الألف ، ولا ضرر على الوكيل في إبطال الوكالة ; إذا هلكت قبل أن يصرفها ، وهذا لا يوجد إذا كانت قائمة في يد الموكل ، أو صارف بها ; لأنه لا ضرر عليه في إبقاء الوكالة على الوجه الذي انعقدت في الابتداء ، وهو الصرف بدراهم في الذمة ، ولو أمره ببيع فضة بعينها ، أو ذهب بعينه ، أو عرض من عروض ، فباع غيره ، لم يجز له ; لأن [ ص: 66 ] الوكالة تعلقت بتلك العين ، فإنها أضيفت إليه بعينه ، وهو مما يتعين بالتعيين في العقد .

التالي السابق


الخدمات العلمية